السؤال
يقول الرسول – صلى الله عليه و سلم – فيما يتعلق بتسوية الصفوف : "وَقَارِبُوا بَيْنَهَا" (رواه أحمد و أبو داود و النسائي)، فهذا أمر. وعَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مَحْمُودٍ قَالَ : صَلَّيْنَا خَلْفَ أَمِيرٍ مِنْ الْأُمَرَاءِ، فَاضْطَرَّنَا النَّاسُ، فَصَلَّيْنَا بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَلَمَّا صَلَّيْنَا قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : "كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، (رواه الخمسة إلا ابن ماجه)وعن معاوية بن قرة عن أبيه قال : "كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طردا" (رواه ابن ماجه) . وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما دخل الكعبة صلى بين الساريتين . و هذا يدل على النهي إما للتنزيه أو للتحريم. ومسجدنا الذي نصلي فيه ضيق، و فيه جدار يقطع الصف الثالث فقط، فإذا تركنا هذا الصف وصلينا في الذي بعده نكون قد امتثلنا أمر الرسول صلى الله عليه و سلم حينما نهى عن الصلاة بين السارِيتين.
و لكن يترتب على ذلك أمور: الأول: أننا لم نمتثل أمر الرسول صلى الله عليه و سلم في قوله "وَقَارِبُوا بَيْنَهَا".
الثاني: أن الذين يأتون بعدنا و يتأخرون قد لا يجدون مكانا في الصف الذي خلف المصلين، و إن كان يوجد مكان آخر منفصل تماما عن المكان الذي نصلي فيه.
الثالث: عدم تسوية الصفوف إذ نجد بين صفين مسافة أطول من التي بين الصفوف الأخر. فهل الأولى والأفضل في هذه الحال أن نبقي الصفوف كما هي، و يكون صف واحد – وهو الثالث – مقطوعا بجدار، و نكون كلنا نصلي في نفس المكان ؟ علما بأن من الأئمة من أجاز ذلك كالإمام مالك – رحمه الله تعالى – إذ يقول : "لا بأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد". وقد ذكر الشوكاني في نيل الأوطار: "باب كراهة الصف بين السواري للمأموم: "ورخص فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن المنذر قياسا على الإمام والمنفرد. قالوا : وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة بين ساريتين . قال ابن رسلان : وأجازه الحسن وابن سيرين ." أم الأولى والأفضل أن نترك هذا الصف و نتأخر إلى الصف الذي بعده، وسيترتب على ذلك ما ذكرت آنفا ؟ بعبارة أخرى: "هل يقدم الأمر على النهي أو العكس ؟