السؤال
أنا فتاة ملتزمة وأصلي ومتزوجة وأسكن في منزل أخي، لأنه لا يسكن فيه حاليا وأصبحت بيني وبين زوجة أخي مشاكل فقررت شراء منزل، لأن الإيجار غال جدا وإذا قمت بالاستئجار فسأبقي طول عمري بدون منزل، فأخذت قرضا من البنك ـ وأنا أعلم أنه حرام ـ وأجبرت زوجي على أخذ القرض وقلت إن الله سوف يغفر لي، لأنني مضطرة لذلك ولا يوجد بديل آخر، ولكن بعد التقديم للقرض بدأ ضميري يعذبني وبدأت أدعو الله في كل صلاة بأن يغفر لي وإذا كان هذا سوف يبقى ذنبا علي طول عمري أن يعرقله ويبعده عني، ولكن البنك قام بوضع المبلغ في حساب زوجي، وقيمة السداد على 7 سنين، وأنا الآن محبطة جدا وخائفة جدا وكل يوم أحلم بالقرض وبأنني سوف أدخل النار وأظل أستغفر طوال اليوم وأدعو بشكل مستمر في صلاتي حتى يغفر الله لي ذنبي، ونذرت أن أحج بعد انتهاء فترة التسديد، وسوف أتصدق بشكل مستمر، ولن أخلع حجابي أمام أي أحد حتى يغفر الله لي، ومع ذلك فأنا خائفة أن لا يغفر الله لي، لأنني عندما قدمت على القرض كنت أعلم أنه حرام وقد أصبحت يائسة من الحياة وأخاف أن أتعذب في القبر بسبب القرض، فهل الله سيغفر لي؟ مع العلم أنني أخذت القرض من يومين ولم أشتر المنزل بعد ولم تعد لي رغبة في أن أشتري منزلا، فما ذا أعمل حتى يغفر الله لي؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما أنت فيه من الندم والحسرة دليل على صدق توبتك وإنابتك إليه سبحانه، وهو سبحانه يفرح بتوبة عباده ويقبلها، فلاتيأسي من روحه ولاتقنطي من رحمته، وعلى زوجك أن يتوب إليه سبحانه فيندم على فعله ويعزم أن لا يعود إليه ويكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة إن الحسنات يذهبن السيئات.
وأما القرض: فإن كان لايزال بيدك وسيسقط البنك الفوائد إن رددت إليه المال فيلزمك رد المال وإبطال عقد القرض، وإن كان لايسقطها عند تعجيل السداد، فلا معنى لرد المال إليه، ويباح لك الانتفاع به في شراء المنزل أوغيره، لأن حرمته تتعلق بالذمة لابعينه, وننبهك إلى بعض الجزئيات التي وردت في سؤالك:
ومنها: مانذرت من حج عند انتهاء الدين: فالنذر لا يقدم ولا يؤخر شيئاً من قضاء الله وقدره، فلا يقع به ما لم يكن في قضاء الله وقدره أنه سيقع، ولا يدفع به ما كان واقعا.
وفي صحيح مسلم وغيره عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره، وإنما يستخرج به من البخيل.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئاً.
ولذلك كره الإقدام عليه كثير من أهل العلم، إلا أنه إن صدر من أحد فعليه الوفاء به إذا لم تكن فيه معصية لله تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه.
كما في صحيح البخاري عن عائشة ـ رضي الله تعالى عنها.
وقد قال الله تعالى مستعرضاً صفات أهل الجنة: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا{ الإنسان:7}.
وبناء عليه، فإنه يلزمك ما نذرت من حج طاعة لله عز وجل.
وأما ما ذكرت من صدقة مستمرة وعدت بها نفسك وربك ـ إن لم يكن على وجه النذر: فينبغي لك فعله دائما وهو ليس نذرا لتجرده من صيغة النذر، وإنما هو مجرد وعد، قال ابن عرفة مبينا حقيقة الوعد: هو إخبارعن إنشاء المخبر معروفا في المستقبل.
فيستحب لك فعل ذلك والمداومة عليه سيما وأنه مما يقرب إلى الله ويكون سببا في جلب مغفرته وحلول رحمته.
ويلزمك الحجاب الكامل وتغطية الوجه عند حضور الرجال قبل انتهاء الدين وبعده، لأن تغطية وجه المرأة وإن اختلف في وجوبه أهل العلم، لكن الراجح وجوبه سيما إن كثر الفساد وغلب على الناس أوكان في كشفه فتنة فالتزمي الحجاب الشرعي عسى الله أن يحجبك عن النار.
وللمزيد انظري الفتاوى التالية أرقامها: 4470، 106076، 14003.
والله أعلم.