الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الهبة إن مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض

السؤال

الرجاء تقسيم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: ثلاثة أبناء أخ شقيق.
علما بأن الميتة تركت عقد هبة لأولاد أختها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقول السائل: عقد هبة، إلخ ـ إن كان يعني: أنها أوصت به إليهم يأخذونه بعد مماتها ولم تهبه لهم في حياتها فإن كان ما أوصت به لا يزيد على ثلث تركتها فهو لهم يستحقونه بموتها, وإن كان يزيد على الثلث، فإنهم يأخذون منه مقدار ثلث التركة ـ فقط ـ وما زاد على الثلث لا يأخذونه إلا برضا ورثتها، وإن كان يعني أنها وهبته لهم في حياتها: فلا يخلو الأمر من أحوال:

الأولى : أن تكون قد وهبته لهم في مرضها المخوف، فهذه الهبة تأخذ حكم الوصية، كما فصلناه في الفتوى رقم: 28174، فلا ينفذ منها إلا بمقدار الثلث على التفصيل الذي ذكرناه آنفا.

الثانية: أن تكون وهبته لهم في وقت صحتها وحازوه: فالهبة صحيحة ونافذة ولو كانت أكثر من ثلث تركتها.

الثالثة: أن تكون وهبته لهم في صحتها ولم يحوزوه حتى ماتت: فهذه هبة اختلف الفقهاء في حكمها هل تبطل؟ أم يقوم الورثة مقام الواهب فيها؟ جاء في الموسوعة الفقهية: اختلفوا في حكم العقد إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل قبضها:

فقال الشّافعيّة: إن مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض لم ينفسخ العقد، لأنّه يؤول إلى اللّزوم، ويقوم الوارث مقام مورّثه.

وقال الحنابلة: إذا مات الموهوب له قبل القبض بطل العقد، أمّا إذا مات الواهب، فلا تبطل الهبة، ويقوم وارثه مقامه في الإقباض أو الرّجوع في الهبة.

وذهب المالكيّة: إلى أنّ الهبة تنعقد بالإيجاب والقبول، لكنّها لا تتمّ ولا تلزم إلاّ بالقبض، فإذا مات الواهب قبل القبض بطلت الهبة وكانت ميراثاً. اهـ.

ومسائل الخلاف بين الفقهاء إذا جرى فيها نزاع بين الورثة ومن وهب له، فإن الحاكم الشرعي هو من يتولى فصل النزاع، فقوله رافع للخلاف.

وأما عن تقسيم التركة: فإنها إن لم تترك إلا أبناء الأخ الشقيق، فإن تركتها لهم ـ تعصيبا ـ بينهم بالسوية، تقسم على ثلاثة أسهم, لكل ابن أخ شقيق سهم واحد, وانظر الفتوى رقم: 43921، بعنوان الوصية للقريب الذي لا يرث جائزة في حدود الثلث.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني