السؤال
أريد رأيكم الشرعي ـ وجزاكم الله خيراً ـ فلدي ابن أصيب بحالة نفسية ـ جنون ـ منذ سنوات طويلة، وقد خضع للعلاج النفسي وأعطيت له ـ ولا زالت ـ الكثير من الأدوية كمهدئات, وبسبب وضعه وحالته التي آلمتني كثيراً نذرت صيام شهر كل سنة ـ إذا رحمه الله بالشفاء ـ وكان ذلك قبل: 17 سنة، ولا زلت ـ حتى الآن ـ أصوم هذا الشهر, غير أنه قد تلاحقت علي الكثير من المشاكل، حيث انتحر ابني الكبير بسبب معاملة والده له وتزوج زوجي بأخرى وتخلى عني وعن بقية أولادي ـ نهائيا ـ وبسبب تلك الظروف المختلفة أصبت بقرحة في المعدة كما أصبحت ظروفي وظروف أولادي ـ بما في ذلك أولادهم الأيتام ـ صعبة للغاية, والآن أشعر بأن صيام شهر إضافي أصبح متعبا جداً بالنسبة لي، ولكنني أخاف التخلف بعد أن تعهدت لله بالصيام، مع العلم أن ابني لا يزال مريضا وخاضعا لنفس العلاج، ولكنه ـ مقارنة مع سابق عهده ـ أفضل إلى حد ما، والسؤال هنا: هل يجوز لي وقف صيام هذا الشهر؟ أم أنه أصبح واجبا علي ـ مثله مثل شهر رمضان؟.
أرجو تفضلكم بتنويري بما يرضي الله عز وجل، وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن النذر وإن كان الوفاء به واجباً إلا أن إنشاءه مكروه، لما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: إنه لا يرد شيئاً، إنما يستخرج به من البخيل.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 16705.
وقوله صلى الله عليه وسلم: يستخرج به من البخيل.
قال النووي: معناه: أنه لا يأتي بهذه القربة تطوعاً محضاً مبتدئاً، وإنما يأتي بها في مقابلة شفاء المريض وغيره مما تعلق النذر عليه. انتهى.
ونذر السائلة هنا: نذر طاعة وتبرر يجب الوفاء به ـ بحسب نيتها حال النذر ـ فإن كنت نويت تعليق النذر بالشفاء التام لابنك المذكور، فلا يجب عليك الوفاء إلا بحصول ذلك، وإن كنت نويت تعليقه بمجرد تحسن حالته فقد وجب عليك الوفاء بالفعل.
وأما ما ذكرت مما طرأ عليك: فاعلمي أن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، فإذا كنت تعجزين عن الوفاء بالنذر، فالواجب عليك كفارة يمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين.
رواه مسلم.
وكفارة اليمين: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فمن لم يجد شيئاً من ذلك صام ثلاثة أيام وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 115339، ورقم: 117975.
وقد سبق بيان أنواع النذر وحكمه وكفارته، في الفتاوى التالية أرقامها: 1125، 5526، 29247.
والله أعلم.