السؤال
عندي أكثر من سؤال كانوا قد سببوا لي مشاكل في هذه الفترات الأخيرة، أنا عمري 16 سنة وأنا مذاء، وأضع كمية من المناديل لضمان طهارة ملابسي ولكن مشكلتي هي أني في بعض الصلوات لا أدري أخرج أم لا؟ فأذهب للتأكد فلا أجد مذيا ولكني إن دققت النظر أجد شيئا يلمع في المنديل، وأحيانًا أضطر لمسح ذكري بمنديل فأجد المنديل يلمع. فهل هذا يوجب علي إعادة الصلاة ؟ وهل يجب علي مسح ذكري من الداخل للتأكد من صحة صلاتي أم أكتفي بالنظر إلى المناديل التي في الخارج؟ وأنا عندي مشكلة كبيرة مع الوسواس القهري بالنسبة للطهارة. وأنا والحمد لله المذي يخرج مني بعد التبول أو التبرز فأضطر إلى غسل ذكري قبل أدائي للصلاة، فإن كنت لم أذهب إلى الحمام حتى الصلاة التي تليها فما حكم صلاتي دون غسل ذكري يعني أن أصلي مباشرة أم أنه يجب علي غسيل ذكري قبل كل صلاة حتى وإن لم أتبرز أو أتبول ؟ وهل عند غسل الذكر يجب فركه باليد الأخرى أم أني أكتفي بوصول الماء إليه ؟ وهل يجوز الاستجمار من المذي وذلك لأنه أيسر لي في كثير من الأوقات؟ وإن كان الجواب نعم فما هي الكيفية؟ أتمنى أن تفيدوني بأسرع وقت حيث إن ذلك يشغلني عند وقبل وأثناء كل صلاة؟ وأتمنى منكم الدعاء. أتأسف على الإطالة وشكراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أيها الأخ الكريم أن استرسالك مع الوساوس من أعظم ما يجلب عليك الشر، ويوقعك في هذا العناء والتعب، وليس للوسواس علاج سوى أن تعرض عنه جملة فلا تلتفت إليه ولا تعيره أي اهتمام، وانظر الفتوى رقم: 51601، واعلم أنك لو لم تعرض عن الوسواس فلن يتوقف الأمر عند هذا الحد بل ستنفتح عليك أبوابا من الوسوسة في جميع شؤونك، بحيث تتحول حياتك إلى جحيم حاضر.
وهذا كلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله نسوقه إليك عسى الله أن ينفعك به، قال رحمه الله: وهذا الوسواس يزول بالاستعاذة وانتهاء العبد وأن يقول إذا قال لم تغسل وجهك : بلى قد غسلت وجهي . وإذا خطر له أنه لم ينو ولم يكبر يقول بقلبه : بلى قد نويت وكبرت . فيثبت على الحق ويدفع ما يعارضه من الوسواس ، فيرى الشيطان قوته وثباته على الحق فيندفع عنه، وإلا فمتى رآه قابلا للشكوك والشبهات مستجيبا إلى الوساوس والخطرات أورد عليه من ذلك ما يعجز عن دفعه وصار قلبه موردا لما توحيه شياطين الإنس والجن من زخرف القول وانتقل من ذلك إلى غيره إلى أن يسوقه الشيطان إلى الهلكة. انتهى.
ونحن نقول لك بناء على ما مر: كلما وسوس لك الشيطان أنك قد أحدثت أو خرج منك مذي فلا تلتفت إلى قوله ذاك، ولا تضع شيئا من المناديل، ولا تفتش، فإنك إنما تفعل هذا فيما يبدو استجابة لداعي الوسوسة، دون مسوغ حقيقي لما تفعله، فإذا قضيت حاجتك فاستبرئ وأزل الخارج النجس، ويكفيك في إزالته أن تصب الماء حتى تزول عين النجاسة ويزول أثرها، ولا يلزمك فرك الذكر إذا كان عين النجاسة وأثرها يزول بالصب، فإذا خرجت من الخلاء وتوضأت وصليت، فلا يلزمك الاستنجاء مرة أخرى إلا إذا خرج منك ما يوجب الاستنجاء، فتصلي صلاة وأكثر بهذا الوضوء ما دمت باقيا على طهارتك، ومهما عرض لك الشك في انتقاض طهارتك وأنه قد خرج منك شيء فلا تلتفت إلى هذا الشك حتى يوجد عندك اليقين بانتقاض الطهارة، وقد ضبط بعض السلف هذا اليقين بأنه الذي يحلف عليه، فإذا تيقنت من خروج شيء منك كالمذي أو غيره فيجب عليك أن تعيد الاستنجاء وتطهر ما أصاب بدنك وثيابك من هذا الخارج ثم تتوضأ.
واعلم أن السائل الذي يخرج عقب البول هو الودي وهو نجس يجب الاستنجاء منه والوضوء، وأما المذي فهو سائل رقيق أبيض يخرج عند الملاعبة أو التفكير ولا يصحب خروجه فتور في البدن، وهو نجس يجب غسل الذكر منه والوضوء، ويجزئ الاستجمار منه ومن كل خارج من السبيل على الراجح من قولي العلماء.
قال صاحب الشرح الكبير: ويجزئ الاستجمار في النادر كإجزائه في المعتاد، ولأصحاب الشافعي وجه أنه لا يجزئ في النادر، قال ابن عبد البر: يحتمل أن يكون قول مالك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الذكر من المذي وظاهر الأمر الوجوب ولأن النادر لا يتكرر فلا يشق اعتبار الماء فيه فوجب كغير هذا المحل - ولنا أن الخبر عام في الكل، ولأن الاستجمار في النادر إنما وجب لما صحبه من بلة المعتاد، ثم إن لم يشق فهو في محل المشقة فيعتبر مظنة المشقة دون حقيقتها كما جاز الاستجمار على نهر جار. وأما المذي فمعتاد كثير وربما كان في بعض الناس أكثر من البول ولهذا أوجب مالك منه الوضوء وهو لا يوجبه من النادر فيجزئ فيه الاستجمار قياسا على سائر المعتاد والأمر محمول على الاستحباب جمعا بينه وبين ما ذكرناه. انتهى.
وكيفية الاستجمار منه هي أن تمسح المحل ثلاث مسحات بحجر أو ما في معناه كالمناديل، فإن أنقيت بها أجزأك ذلك، وإن لم تنق بها وجب عليك المسح حتى يحصل الإنقاء، ويستحب أن تقطع على وتر وإن أنقيت بما دون الثلاث وجب عليك تكميل الثلاث في قول الجمهور وهو الراجح.
والله أعلم.