السؤال
أرسلت سؤالا عن الاستمناء إلى أحد المواقع المعروفة والمشهورة وهو موقع يسمى المجانين على الانترنت للاسشارات النفسية فكانت إجابتهم كالآتي- فهل كلامهم صحيح أم غير صحيح- : حقيقة الأمر يا بني كما اهتديت في بحثي، هو أن التحريم لم يأت من نصٍّ صريحٍ لا في الكتاب ولا في السنة، فمن كتاب الله فسر بعضهم قوله تعالى في سورة المؤمنون:{ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ}. صدق الله العظيم بأن من طلب شهوته وكان طلبه خارجاً عما أحل الله من الزوجة والسرّية فإنه يعتبر معتدياً لحدود الله، وهذا القول قال به أئمة السلف، وفسروا به الآية، وقالوا: إنها تدل على تحريم الاستمناء، لكن هناك بالطبع من فسروا الآيات بأنها تدل على تحريم الزنا وليس غير الزنا.
والعادةُ السرية ليست اختراعًا جديدًا على البشر لم يكن موجودًا أيام الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام لكي يقول لي قائل أنها لو كانت موجودةً أو مشتهرةً أيام الرسول عليه الصلاة والسلام لحرمها، فهذه العادة معروفةٌ منذ تحسس الإنسان جسده وأعضاءه، أي منذ خلق الله البشر، وكان من شعراء الجاهلية من قال:
إِذَا حَلَلْتَ بِوَادٍ لا أَنِيسَ بِهِ فَاجْلِدْ عُمَيْرَةَ لا عَيْبٌ ولا حَرَجُ
وجلدُ عميرةَ هو الاسم العربي القديم للاستمناء، أي أنها كانت معروفةً أيام النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ولم يثبت أنه حرمها، بل إن كل الأحاديث التي يتناقلها الناس وبعض المربين والشيوخ لكي يجلدوا بها ذوات الشباب المعذب هيَ إما أحاديثُ ضعيفة واهية السند وإما منكرةٌ جدا، ثم إن الحنابلة أجازوا الاستمناء عند الضرورة، والحنابلة كما هو معروف هم أشد المذاهب تمسكًا بالنصوص.
ما أرمي إليه من كل هذا الحديث يا أخي هو أن عقول المسلمين لم تكن مقفلةً "بالضبة والمفتاح" مثلما هيَ اليوم، فقل بربك ماذا يفعلُ الشاب اليوم بينما المثيرات تلفه من كل ناحيةٍ وبإلحاح، وبينما الزواج المعترف به اجتماعيا يكاد يكونُ مستحيلاً لمن هو في مقتبل العمر، والزواج العرفي حرام، وزواج المتعة حرام، والعادة السرية حرام؟ فما هو الحلال إذن ؟ إن فقهاءنا في حاجةٍ إلى فتح العقول وتشغيلها من جديد.
بعد كل ذلك أريدك أن تنتبه إلى أن الغرض من كلامي ليس هو أن العادة السرية هي الحل، ولكنني فقط أقول لك إن اللجوء إليها عند الضرورة قد أجازه أنبه الفقهاء، وأنت في الأول والآخر مسؤولٌ بنفسك عن نفسك أمام الله عز وجل عن تقييمك للضرورة التي تضطرك للجوء إليها، وهذه هيَ عظمة الإسلام. وأما النقطة الأخيرة التي أود أن تكونَ قد اقتنعت بها فهيَ أنك حملت العادةَ السرية ما لا تحتمل، مثلك في ذلك مثل كثيرين، وواقع الأمر أنه لم يحدث في تاريخ البشرية أن حمل سلوكٌ ما كثيرًا من التبعات والتهم التي هو بريء منها مثلما حملت العادة السرية، فهيَ السلوك البشري الوحيد الذي مورس من جميع الرجال إلا من عصم ربي، ومن نسبةٍ تصل إلى السبعين بالمائة من النساء، ورغم ذلك ظلت العادة السرية حتى منتصف القرن العشرين بمثابة الشماعة التي يعلق عليها الأطباءُ كل ما لا يجدون له من تفسيرا بما في ذلك الرجل الذي يعتبره كثيرون عالمًا إباحيا وهو سيجموند فرويد، فقد كان يرجع فرويد مرضًا كالوهن العصبي على سبيل المثال لممارسة العادة السرية.
وأما رجال الدين المسيحي فكانوا يصبون جام غضبهم عليها لأن الجنس عند أغلبهم دنسٌ ما لم يكن بغرض الإخصاب ومفضيا إلى الحمل، وأما فقهاؤنا فقد كان خوف معظمهم منصبا على إمكانية أن يحجم الشبابُ عن الزواج إذا ما اكتفوا بالعادة السرية، إضافةً إلى ما كانَ شائعًا عن ضررها الطبي، وهو الضرر الذي كان كثيرون يتهمون به حتى الإسراف في الجماع الحلال، خاصةً عند علماء الشيعة، رغم أن كلا من الجماع والاستمناء أو الاسترجاز هيَ عملياتٌ فيزيولوجيةٌ طبيعية إذا توفرت القدرة الجسدية على أدائها في وقت ما. وهكذا حمل الجميع العادة السرية ما لا تحتمل وما هيَ بريئة منه وحدثَ ذلك طوال التاريخ ومازال يحدث.