الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السبب في إفتائنا سابقاً بحرمة من زني بأمها

السؤال

أسكن مع زوجي في بلد آخر وتبت توبة نصوحاً، وزوجتي تحبني حبا جماً، وقد يكون سهلاً بالنية لي أن أفارقها ولكن بالنسبة لها ليس سهلاً، ولدينا ثلاث أولاد فهل هؤلاء يعيشون معي أو مع زوجتي على كل أنا مستعد لأي فتوى في المذاهب الأربعة.
جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن حرمة الزوجة، ووجوب مفارقتها على من زنى بأمها هو رأي بعض الأئمة، كالإمام أبي حنيفة، والنووي، والأوزاعي، والإمام أحمد، وبعض المالكية.
بينما يرى البعض الآخر أن الزنا لا يترتب عليه أثر: يعني أن من زنى بامرأة لا تحرم عليه ابنتها، ولا أمها، ولا تحرم هي على أبي الزاني، ولا ابنه، وهذا مذهب الإمام الشافعي، ورأي الإمام مالك في الموطأ، وقول أصحابه، إلا ابن القاسم.
وسبب الاختلاف في هذه المسألة هو الاشتراك في اسم النكاح، أي في دلالته على المعنى الشرعي، أو اللغوي، فمن راعى الدلالة اللغوية قال: يحرِّم الزنا، ومن راعى الدلالة الشرعية قال: لا يحرِّم.
فالمسألة - كما ترى أيها السائل - فيها خلاف كبير بين العلماء، ونحن أفتيناك سابقاً، وأفتينا غيرك بالقول المحرم لا لرجحان أدلته عندنا على غيره، وإنما رأيناه أولى بالتقديم سداً للذريعة، وقطعا لتلك الصلة، فهو أنسب لأهل هذا الزمان الذي ضعفت فيه الروادع الإيمانية، وانعدمت فيه الزواجر السلطانية، وهذا مما يسوغ في الفتوى أحيانا؛ سدًا لباب الشر، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 342592 . لهذا الاعتبار فقط عدنا إليه، وليس لضعف القول الآخر عندنا، بل القول الآخر يقويه أنه ليس ثمة دليل قاطع يحرم بنت من زنى بها، والأصل إباحة الزواج من كل امرأة، إلا من حرم الشارع الزواج بها تحريماً ثابتاً.
فإذا تقرر أن المسألة خلافية، وأن القول بعدم التحريم، إن لم يكن راجحاً على القول بالتحريم فإنه مساو له، وتحققت أن استمرارك مع زوجتك لا يجرك إلى سابق عهدك فلتمسك عليك زوجتك، واتق الله تعالى في نفسك، ولتراقبه في سرك وعلنك، فإنه مطلع عليك، وعلى ما تكنُّ في صدرك.
نرجو من الله تعالى الثبات لنا ولك.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني