الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح وقواعد لعلاج الوساوس

السؤال

أنا فتاة تائبة من الذنوب والإهمال في العبادات: تبت بعد أن ألهمني الله التوبة ولم تكن في ذهني هذه الذنوب وقد نسيتها تماماً بعد أن حاولت التقرب من الله وبعد تذكري لذنوبي علمت كم كنت بعيدة عن الله رغم أن ظاهري الصلاح، وأتألم لما اقترفته من الذنوب والمعاصي وما يطمئنني هو رحمة الله التي وسعت كل شيء وأتمنى أن يدخلني تحتها رغم تقصيري وبعدي عنه: مارست العادة السرية عن طريق الخيال لمدة ثلاث سنوات ثم تركتها بعد أن عرفت اسمها فقط ولم أكن أعلم أنني قمت بفعل محرم وبعد ذلك عدت إلى ربي رغم أنني لم ألتزم التزاما تاما إلا أنني بعد تركي لها أصبحت أكثر قربا من الله، ومضت ست سنوات بعد تركي لها وأنا أعيش حياة طبيعية ونسيت هذا الأمر إلى أن قرأت عنها في موقعكم فكانت بالنسبه لي مثل الصاعقة حيث أصبحت أكره نفسي، وصلواتي كنت غير طاهرة فيها وكنت أحتلم بعدها وكنت أجهل ما يحدث لي وكنت أصلي طيلة هذه المدة وأنا لا أعلم شيئا، وسؤالي هو: المدة هي تسع سنوات وأكثر من مرة أقرر أن أقضي فأقضيها يومين وأتركها، والآن قررت أن أقضيها وأستعين بالله وجعلت آخر الليل وقت قضاء لصلواتي فأقضي يومين، ولكن إذا مت ـ وكما تلاحظ المدة طويلة ـ فكيف سأجيب الله؟ وأيضاً أحيانا تأتيني غازات وأشعر بشيء يخرج وأنا أصلي بدون صوت أو رائحة، فهل هذا ينقض الوضوء؟ وعلي أيمان كثيرة والحمدالله صمت عن أكثرها وهو الذي أتذكره فلو بقي شيء لم أتذكره هل يبقى في ذمتي؟ نذرت أن أصوم شهرا لتركي لهذه العادة ولم أف به إلى الآن فهل يعتبر نذر لجاج؟ أم علي صيام شهر، لأنني فعلتها بعد نذري؟ واعتمرت وأنا صغيرة ولم تكن عمرتي صحيحة واعتمرت مرة أخرى وكنت قد نقضت وضوئي أثناء الطواف، وفي المرة الثالثة عصيت ربي ولا أعلم كيف قمت بهذا الفعل كان شاب واقفا فقمت بدفعه، وبعد العمرة عصيت ربي، واعتمرت قبل تسعة أشهر من الآن ولا أدري هل نزلت مني إفرازات أم أنها من شدة الحر كانت رطوبة فماذا علي أن أفعل وأنا لا أستطيع الذهاب إلى مكة؟ أصبحت أصلي الصلوات في وقتها مع النوافل وأقوم الليل وأصلي الضحى وأصوم الاثنين والخميس والأيام البيض وارتديت الحجاب الشرعي والتحقت بتحفيظ القرآن وأتممت حفظ جزء، ولكنني عندما التحقت بالتحفيظ تعلقت بمعلمتي وخفت من هذا التعلق والله أصبحت أبكي وأدعو الله أن يزيل عني حب أي مخلوق سواه سبحانه وأصبحت أتجاهل هذا الشعور، فهل علي ذنب فيه؟ وأفكر في ترك دار التحفيظ وأشعر بالنقص أمام الفتيات، فهل لا بد أن أصبح داعية وأن أتعلم العلم الشرعي حتى يغفر الله لي؟ وأشعر بأنني من أهل النار لا محالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فواضح جدا من سؤالك أنك مصابة بالوسوسة، والذي ننصحك به هو أن تعرضي عن الوساوس وألا تلتفتي إلى شيء منها، وما تشعرين به مما يخيل إليك أن وضوءك قد انتقض فلا تلتفتي إليه حتى يحصل لك اليقين الجازم الذي تستطيعين أن تحلفي عليه أن طهارتك قد بطلت، وأما الصلوات فلك أن تعملي بمذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من أن من ترك شرطا من شروط الصلاة جهلا لم يلزمه القضاء، وبناء على هذا المذهب فإنه لا يلزمك قضاء شيء من تلك الصلوات، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 181305، أن للموسوس الأخذ بأيسر الأقوال، وليس هذا من الترخص المذموم.

ولو اخترت العمل بالقول بوجوب القضاء فإن أدركك الموت وأنت تقضين لم يكن عليك شيء، لأنك فعلت ما تقدرين عليه، ويجزئك على قول المالكية أن تقضي صلاة يومين مع كل يوم، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 125226.

وأما الأيمان التي لا تذكرين: فالأصل براءة ذمتك وأنه لا يلزمك شيء من الكفارات، فإن حصل لك اليقين بأنك حلفت وحنثت فحينئذ تلزمك الكفارة، ودون هذا اليقين لا يلزمك شيء، وأما النذر الذي نذرت: فهو من نذر اللجاج تجزئك فيه كفارة يمين، وأما ما يتعلق بالعمرة: فلم تبيني سبب عدم صحة العمرة الأولى، وقد يكون ما وقع منك غير مفسد لها، وعلى كل حال فإن كان شيء من الخلل قد تطرق إلى عمرتك الأولى أو الثانية، فإن عمرتك التالية والتي وقعت صحيحة قد برئت بها ذمتك وتحللت بها من إحرامك، فلا يلزمك شيء، وأما دفعك الرجل المذكور فلا يؤثر على صحة العمرة، وإنما عليك أن تستغفري الله من هذا الذنب وغيره من الذنوب، وأما معلمتك: فلا حرج عليك في حبك إياها، بل هذا الحب مشروع، لأنه من الحب في الله تعالى ولا ينافي محبة الله عز وجل، وننصحك بأن تجتهدي في الحفظ وتعلم العلم الشرعي وأن تصحبي الصالحات وتتعاوني معهن على البر والتقوى، ولا تتركي دار التحفيظ، بل استمري في هذا الخير وفيما تعتادينه من أمور البر فإنك على خير عظيم ـ إن شاء الله ـ ولا يلزم لنيل مغفرة الله أن تكوني داعية، وإنما يجتهد المسلم بحسب استطاعته فيما يقدر عليه من الخير ويحسن ظنه بربه تعالى ويستغفره من التقصير عالما أن رحمته سبحانه وسعت كل شيء، والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وثقي بربك تعالى وأحسني ظنك به، فإنه سبحانه عند ظن عبده به، وهو سبحانه أرحم بعبده من الأم بولدها، ودعي عنك الأفكار والوساوس والظنون التي تخالف هذا الذي نصحناك به وأرشدناك إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني