الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

جاء رجل ليخطبني، فقال له أبي: زوجتك ابنتي على سنة الله، فأجابه قبلت بحضور نساء ـ فقط ـ وسأل الخاطب الأب عن المهر، فأجابه الذي تقدر عليه، وبعد مدة ـ وقبل أن نكتب العقد ـ تراجعت عن الزواج من هذا الرجل وقلت له إنني لا أريد الزواج منه، فهل يعتبر هذا زواجا؟ وهل إذا تراجعت فلا بد من الطلاق؟ علما أننا لم نستلم أي مهر، وقد قرأت في المذهب المالكي أنه من الممكن اعتبار هذا عقد نكاح، لأنه لا يشترط الشهادة أثناء العقد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالنساء لا تقبل شهادتهن في النكاح، بل لا بد أن يحضر العقد رجلان عدلان، قال الباجي في المنتقى متحدثا عن النكاح: لا يثبت بأقل من شاهدين من الرجال، ولا يثبت بشهادة رجل وامرأتين، والدليل على ما نقوله قوله تعالى في الطلاق، وقيل في الرجعة: وأشهدوا ذوي عدل منكم. والأمر يقتضي الوجوب. انتهى.

والإشهاد ركن من أركان النكاح لا ينعقد بدونه، وبناء على ذلك، فهذا العقد باطل عند من اشترط الشهادة عند العقد ـ وهم الجمهور ـ خلافا للمالكية، ففي الموسوعة الفقهية: الحنفية والشافعية, والمشهور عن أحمد: أنه لا يصح عقد النكاح إلا بإشهاد على العقد, لقوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل.

أما عند المالكية: فهو صحيح إذا حصل الإشهاد عليه مستقبلا قبل الدخول، قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل: قال في المقدمات: الإشهاد إنما يجب عند الدخول وليس من شروط صحة العقد، فإن تزوج ولم يشهد فنكاحه صحيح ويشهدان فيما يستقبل. انتهى.

إلا أن هذا العقد فاسد ـ أيضا ـ عند المالكية، لجهالة المهر، فيفسخ قبل الدخول ويثبت بعده بمهر المثل، ففي المدونة للإمام مالك: إلا أن مالكا قال في الرجل يتزوج المرأة على الصداق المجهول ـ على ثمرة نخل قبل أن يبدو صلاحها، أو على بعير شارد أو على عبد آبق، أو على ما في بطن أمته: أنه إن لم يدخل بها، فرق بينهما، وإن دخل بها لم يفسخ نكاحهما وثبت وكان لها صداق مثلها. انتهى.

وبناء على ما تقدم، فالنكاح فاسد باتفاق المذاهب الأربعة، لكن لا بد من تلفظ الزوج بالطلاق أو فسخ النكاح، فإن امتنع من ذلك حكم القاضي بفسخه، قال ابن قدامة في المغني: وإذا تزوجت المرأة تزويجا فاسدا, لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها، وإذا امتنع من طلاقها, فسخ الحاكم نكاحه، نص عليه أحمد. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني