الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تهاجرت مع صاحبتها وبعد فترة ندمت وتابت

السؤال

سؤالي أنه قبل 10 سنوات تقريبا، وبينما كان عمري14 أو 15 سنة حصلت بيني وبين صديقة لي في المدرسة (خصومة) على سبب تافه وهو أنها تخاصمت مع مجموعة من البنات، وقالت لي لا تكلميهن أنت أيضا، قلت لها: سوف أكلمهن، الخلاف بينك وبينهن، ما دخلي أنا، فقالت لي: إذن سوف لا أكلمك.
بعدها لم تحدثني ولم أحدثها طول السنة إلى أن انتقلت للمرحلة الثانوية، وانتقلت هي لمدرسه أخرى ولم أعد أراها ونسيت كل الموضوع.
وأنا الآن ليس في قلبي شيء عليها، ولو أراها في أي مكان عام وأعرفها سوف أسلم عليها ( وكل الذي حصل من خلاف هو (على أمر تافه )
لا أعلم ولا أتذكر هل أنني عندما كنت في المتوسط كنت جاهلة بالحكم أن الخلاف مع الأخ المسلم لا يجوز وأنه يوجد حديث في ما معناه أن عمل المتخاصمين لا يرفع إلا بعد أن يتصالحا ) أم أنني كنت أعلم بالحكم فقد مضى وقت طويل على ذلك ..
إلا أنني قبل فترة لما سمعت هذا الحديث تذكرت الموضوع، وأني عندما نقلت من المدرسة لم أتصالح معها ..
الآن وبعد مضي كل هذه السنوات ماذا أفعل !! وأنا لا أعرف لها طريقاً ولا رقماً لأتصل بها وأقول لها تسامحني إن كان في قلبها شيء علي، وربما تكون نسيتني. مع العلم انه لا يوجد في قلبي شيء عليها، ولو أراها في أي مكان وأعرفها سوف أسلم عليها.
السؤال: هل أنا داخلة في الحديث الذي في معناه أن عمل المتخاصمين لا يرفع إلا بعد أن يتصالحا؟
وما هو الحكم في حالتي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد حرم الإسلام التهاجر بين المسلمين بعضهم بعضا، وحرم كل ما يؤدي إلى هذا التهاجر من التباغض والحسد والشحناء والكذب، فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. رواه البخاري ومسلم.

وحث على الصلح بين الإخوة في الإيمان، وبين أن خير المتخاصمين هو من يبدأ بإنهاء القطيعة، فقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري ومسلم.

ومما يبين أثر الخصام القبيح، ويحفز على إصلاح ذات بين المسلمين ما ورد من عدم المغفرة للمتخاصمين حتى يصطلحا، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس، فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.

وقد كان من الواجب عليك أن تصلحي ما بينك وبين صديقتك هذه حتى وإن كانت هي التي ابتدأت بالهجر، فبذا تنال الخيرية التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. انتهى.

ولكن ما دمت الآن نادمة على ما كان بينكما من تهاجر، وتودين أن لو ظفرت بها لتصلحي ذلك، فنرجو أن يكتب الله لك بذلك توبة صادقة وألا تدخلي ـ إن شاء الله ـ بعد التوبة في هذا الوعيد المذكور في الحديث، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الندم توبة. رواه أحمد وابن ماجه من حديث عبد الله بن مسعود وصححه الألباني.

وينبغي أن تكثري من الدعاء والاستغفار لها بظهر الغيب ثم إن قدرت على لقائها أو الاتصال بها لإصلاح ذات بينكما فافعلي؛ لأن هذا أبلغ في التوبة وأنجع في إزالة الشقاق والخلاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني