الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلا الشخصين خلط بين الخطأ والصواب

السؤال

اختلف عندي شخصان-واحد يقول ما دامت شهوتي جامحة فالأقرب إلى رضا الله أن أتزوج أكثر من زوجة (في حدود أربعة) حتى لو لم أستطع العدل بينهم أحيانا، وحتى لو حصل بعض الإهمال في تربية الأبناء حين يصل عددهم أكثر من 15، والثاني يقول: تربية الأبناء مسؤولية عظيمة تنعكس سلبياتها على كل المجتمع وإرضاء الزوجات غاية لن تدرك أبدا حيث يتسببن لي بمختلف أنواع الأمراض وبالتالي أفضل أن أمارس العادة السرية (إذا توفيت زوجتي أو طلقتها) على أن أتزوج واحدة أو أكثر بعدها-واجتهد أن يكون عندي منها 3-4 أبناء فقط .
فمن منهما على صواب.أفيدونا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكلا الشخصين قد جمع في كلامه بين الخطأ والصواب، وخلط بين الحق والباطل.

أما الأول: فقد أصاب في قوله إن الإنسان إذا جمحت شهوته ولم تكفه امرأة واحدة فالأقرب إلى رضا الله أن يتزوج بأكثر من واحدة، بل قد استحب بعض العلماء نكاح اثنتين ولوحصل الإعفاف بواحدة.

جاء في كتاب الإنصاف للمرداوي: وقيل المستحب اثنتان كما لو لم تعفه وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله فإنه قال يقترض ويتزوج ليته إذا تزوج اثنتين يفلت. انتهى.

ويراجع الفتوى رقم: 63607.

ولكنه أخطأ في قوله إن هذا جائز مع ترك العدل أحيانا، وذلك لأن العدل بين الزوجات خصوصا في القسم والمبيت واجب متحتم على الرجل لا يسعه تركه بحال وقد جاء الوعيد الشديد لمن جار على إحدى زوجتيه وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 31514.

وأخطأ أيضا في تهوينه من أمر الاهتمام بتربية الأولاد وذلك لأن الله سبحانه قد أوصى الآباء بأبنائهم فقال سبحانه: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ. {النساء:11}.

قال السعدي رحمه الله: أي: أولادكم يا معشر الوالدين عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدينوية، فتعلموهم وتؤدبوهم وتكفوهم عن المفاسد، وتأمروهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}. فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. انتهى.

وأما الشخص الثاني: فقد أصاب في قوله إن تربية الأبناء مسؤولية عظيمة تنعكس سلبياتها على كل المجتمع وقوله: إن إرضاء الزوجات غاية لن تدرك.

لكنه أخطأ في تفضيله العادة السرية الخبيثة المحرمة على الزواج الذي هو هدي النبيين وسنن المرسلين قال سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ. {الرعد:38}.

فعليه أن يتوب إلى الله سبحانه ويستغفره من هذا الكلام، وليذكر خطورة الكلمة فرب كلمة لا يلقي لها صاحبها بالا لا تدعه حتى تقذفه في قعر جهنم، جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله يرفع الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي فيها في جهنم.

ويراجع حكم العادة السرية في الفتوى رقم: 7170.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني