الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قبول من مات زوجها للزواج يتوقف على مدى حاجتها له

السؤال

تبت إلى الله وابتعدت تماما عن كل ما يربطني بخطيئتي، وأصلي كل الفروض وكل النوافل حسب المستطاع وقيام الليل، ولم يمسسني بشر إلا زوجي رحمة الله عليه، ولظروف نفسية تعرضت للخطأ ورغم أنني انسحبت ولم أكمل كأنني أفقت ولكن يسيطر علي في صلاتي أن هذا الرجل يعتبر زوجي، أجاهد ألا أتذكر وأكمل حياتي ويتقدم لي أناس طيبون أشعر أنني لا أستحق أن أرتبط بإنسان لا ذنب له، ولكن لا أستطيع أن أغفر لنفسي ولا أقتنع أن هذا الرجل سيء، ورغم أنه ابتعد بناء عن طلبي إلا أنني أفكر دائما بالزواج منه اقتناعا أنني هكذا لم أخطئ في حق أحد بزواجي ممن لمسني بعد زوجي ولا أتزوج غيره على غش فهو المسؤول عن فعلته، ويعتذر مرارا لأنني لا أستحق ذلك، بعد ما ارتحت بعد تقربي لله ورجوعي لسابق عهدي قبل معرفة هذا الشخص، وبعد الابتعاد عن كل ما يقربني من أي رجل حتى شغلي تركته والتزمت بيتي ولكن يلازمني هذا التفكير وأخاف أن أضيع توبتي وأضيع معها.
أرجوكم دلوني لو تزوجت فعلا هذا الرجل سأرتاح، كما أنني لو قبلت الزواج عموما أفضل أم الابتعاد عن كل هذا والالتزام دون الزواج يرجعني زوجة زوجي وحليلته في الجنة، كما كنت أبكي وأرغب دوما لولا هذا الخطأ. وما موقف مرتكبي هذه الأخطاء هل هم بعد توبتهم أزواج أم ماذا؟ وهل أنا هكذا ما زلت زوجة لزوجي المرحوم؟ أرجوكم دلوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كنت قد وقعت في علاقة محرمة مع هذا الرجل فالواجب عليك التوبة إلى الله، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب واستشعار الندم على فعله والعزم على عدم العود، مع الستر وعدم المجاهرة بالذنب، والإكثار من الأعمال الصالحة والحسنات الماحية.

واعلمي أن التفات القلب للذنب وتعلقه به ينافي صدق التوبة، فعليك قطع كل علاقة بهذا الرجل الذي ارتكبت معه المعصية، وذلك بالاستعانة بالله، وعدم الاسترسال مع الأفكار والخواطر، وشغل الأوقات بالأعمال النافعة.

وإذا تقدم إليك ذو دين وخلق، فالحكم في قبولك للزواج يتوقف على حاجتك للزواج، فإن كان في رفضك للزواج تعريض لنفسك للوقوع في الحرام فرفضك للزواج حرام.

قال البهوتي ( الحنبلي): وَيَجِبُ النِّكَاحُ بِنَذْرٍ، وَعَلَى مَنْ يَخَافُ بِتَرْكِهِ زِنًا وَقَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ وَلَوْ كَانَ خَوْفُهُ ذَلِكَ ظَنًّا, مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ , لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُ نَفْسِهِ وَصَرْفِهَا عَنْ الْحَرَامِ, وَطَرِيقُهُ النِّكَاحِ. شرح منتهى الإرادات.

وقال المرداوي -عند الكلام على أقسام النكاح: حيث قلنا بالوجوب فإن المرأة كالرجل في ذلك.

وأما إذا كنت لا تخشين على نفسك الوقوع في الحرام، فلا حرج عليك في الامتناع من الزواج رغبة أن تكوني مع زوجك في الجنة –إن شاء الله- علما بأنه لم يعد زوجا لك في هذه الدنيا بعد وفاته.

وإذا لم يكن لك أيتام تقومين على رعايتهم وكنت لا تزالين شابة، فالأولى لك الزواج، ولا يمنعك ما وقعت فيه من الخطأ من قبول الزواج برجل صالح ما دمت قد تبت توبة صادقة ولا يكون ذلك غشا لمن يتزوجك.

وإذا كان هذا الرجل الذي وقعت معه في المعصية قد تاب وأصبح مرضي الدين والخلق وتقدم لزواجك فلا مانع من قبوله.

واعلمي أن التوبة الصحيحة تمحو أثر الذنب، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.

وأما عن المرأة لمن تكون في الجنة إذا تزوجت أكثر من مرة، فراجعي الفتوى رقم: 2207.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني