الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول الزوج إن دخل فلان المنزل فإن لم أتركه فامرأتي طالق

السؤال

شخص متزوج، وحلف على أنه إذا دخل شخص معين منزل فلان إما أن يطلق أو يترك هو المنزل. وبعد فترة دخل ذلك الشخص المنزل دون إرادة الحالف وكان الحلف في ساعة غضب. هل إذا لم يترك الحالف المنزل تكون زوجته طالقا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر أن الحنث لا يحصل في مثل هذه اليمين إذا لم يكن الزوج قد نوى وقتا لترك المنزل، لأنه إذا كان قد حلف بالطلاق أثناء الغضب الشديد بحيث كان لا يعي ما يقول فلا شيء عليه ولو نوى وقتا لترك المنزل لارتفاع التكليف عنه حينئذ فهو في حكم المجنون. كما تقدم فى الفتوى رقم: 35727.

وإن كان يعي ما يقول ودخل الشخص المنزل المقصود، ولم يترك الحالف ذلك المنزل فلا يقع الطلاق أيضا عند جمهور أهل العلم حتى يحصل يأس من ترك المنزل بموته أو موت الزوجة مثلا.

قال ابن قدامة فى المغني: وإذا قال: إن لم أطلقك فأنت طالق . ولم ينو وقتا، ولم يطلقها حتى مات أو ماتت، وقع الطلاق بها في آخر أوقات الإمكان . وجملة ذلك أن حرف " إن " موضوع للشرط ، لا يقتضي زمنا ، ولا يدل عليه إلا من حيث إن الفعل المعلق به من ضرورته الزمان . وما حصل ضرورة لا يتقيد بزمن معين، ولا يقتضي تعجيلا، فما علق عليه كان على التراخي، سواء في ذلك الإثبات والنفي . فعلى هذا إذا قال: إن لم أطلقك فأنت طالق. و لم ينو وقتا ولم يطلقها كان ذلك على التراخي، ولم يحنث بتأخيره؛ لأن كل وقت يمكن أن يفعل ما حلف عليه فلم يفت الوقت. فإذا مات أحدهما علمنا حنثه حينئذ؛ لأنه لا يمكن إيقاع الطلاق بها بعد موت أحدهما، فتبين أنه وقع، إذ لم يبق من حياته ما يتسع لتطليقها. وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي. انتهى.

وعند المالكية يمنع من زوجته حتى يترك المنزل، ولها رفع أمرها لقاض فيضرب له أجل الإيلاء، فإن مضت أربعة أشهر ولم يترك حكم عليه بالطلاق إذا طلبته زوجته كما سبق في الفتوى رقم: 60235.

وأما إن كان الزوج قد حدد وقتا لترك المنزل إذا دخله الشخص المذكور فإنه إذا حصل المعلق عليه ولم يترك المنزل حتى انقضى ما نواه من الوقت فإن الحنث يحصل عند جمهور أهل العلم.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: تلزمه كفارة يمين فقط ولا طلاق عليه إن كان لم يقصد طلاقا أصلا. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 19162.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني