الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب

السؤال

والدي توفي، أخواتي وأمي معاملتهم لي تغيرت، أنا عملت بالخليج وحججت أبي وأمي وتزوجت فلم أوفر. إخوتي متزوجون وكل مصاريفهم ومصاريف أولادهم من البيت وأنا لا آخذ شيئا، مع أني أنا وزوجتي غير موظفين ولدي ولدين ومعاملة أهلي سيئة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننصحك أيها السائل بالصبر على جفاء أمك وإساءتها إليك، مع مداومة البر بها والإحسان إليها فقد قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا. {الإسراء:23}.

ومعلوم أيضا أن حق الأم في البر والإحسان آكد من حق الأب، وقد سبق الحديث عن حق الأم في الفتوى رقم: 65064.

كما ننصحك بالصبر على جفاء إخوتك فإنهم من أرحامك وصلتهم واجبة عليك، والواصل على الحقيقة هو الذي يصل من قطعه، ويحسن إلى من أساء إليه، روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.

واعلم أنك بهذا تفوز برضا الله سبحانه وعونه، ففي صحيح مسلم أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسئيون إلي، وأحلم عنهم ويجلهون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.

أما تخصيص أمك إخوتك بالعطاء والمال دونك إن كان الأمر هكذا فهذا ينظر فيه: فإن كانت إنما تعطيهم من تركة أبيك فهذا حرام لا يجوز لأن هذه التركة ملك لجميع الورثة على حسب ما قسمه الله سبحانه بين عباده, وتلك حدود الله لا يجوز لأحد أن يتعداها بحال، ولك أن تطالب بتقسيم التركة وأن تأخذ حظك منها ولو كرهت أمك ولا يكون هذا عقوقا.

أما إن كان هذا المال إنما تعطيه أمك لإخوتك من مالها الخاص فهذا أيضا لا يجوز فقد أمر الشرع بالعدل بين الأولاد، ونهى عن التفضيل بينهم في العطايا والهبات، فقال صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم.

والأم كالأب في وجوب العدل بين الأولاد.

قال ابن قدامه: والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب. المغني.

فعليك أن تنصح لأمك بأسلوب لين رقيق وتعلمها بأن لك من الحق في هذا المال مثل ما لإخوتك خصوصا مع حاجتك إليه. فإن أجابتك لذلك فبها ونعمت، وإن أصرت ففوض أمرك إلى الله سبحانه ودوام على برها والإحسان إليها مع الدعاء والابتهال أن يهديها الله وأن يوفقها لطاعته.

مع العلم أنه لا يجوز لإخوتك ـ في حال تفضيل أمهم عليك ـ أن يأخذوا هذا المال دونك ما داموا يعلمون حرمانك منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني