الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تسقط الفاتحة عمن أدرك الإمام وهو راكع

السؤال

من العلماء من ذهب إلى فرضية الفاتحة على المأموم في السرية. فكيف جمعوا بين هذا الرأي وإدراك الركعة خلف الإمام تعد ركعة صحيحة وهناك أصلا من يدب راكعا حتى يصل الصف و معلوم أنه لن يدرك الفاتحة لا محالة. فكيف التوفيق هنا بين القولين؟؟؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا تعارض بين وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الركعات السرية بل والجهرية على الراجح كما هو مذهب الشافعي وترجيح العلامتين ابن باز وابن عثيمين، وبين أن من أدرك الإمام راكعا أجزأته تلك الركعة، فإن وجوب قراءة الفاتحة مستفاد من دليل عام وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم المتفق عليه: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. وغيره من الأحاديث التي في معناه، وهذه الأدلة العامة قد خصصت بما إذا أدرك المأموم الإمام راكعا فتسقط عنه الفاتحة، ومن المعلوم في الأصول أنه لا تعارض بين عام وخاص، بل العام يحمل على الخاص مطلقا، ولذا نقول إن الفاتحة ركن في حق المأموم ويسقط هذا الركن فيما إذا أدرك الإمام راكعا.

قال العلامة العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع بعد ما قرر أدلة ركنية الفاتحة على المأموم في كل ركعة من ركعات الصلاة سرية كانت أو جهرية ما نصه: هذا الذي ذَكَرْناه وهو أن قراءة الفاتحة رُكنٌ في حَقِّ كلِّ مصلٍّ: الإِمام، والمأموم، والمنفرد. ولا يستثنى منها إلاَّ مسألة واحدة، وهي المسبوق إذا أدرك إمامه راكعاً، أو قائماً ولم يتمكَّن من قراءة الفاتحة هذا هو الذي دَلَّت عليه الأدلةُ الشرعية. فإذا قال قائل: ما الدليل على استثناء هذه الصُّورة؟ فالجواب: الدليل على ذلك حديث أبي بَكْرة الثَّابت في صحيح البخاري حيث أدركَ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم وهو راكعٌ، فأسرعَ وركعَ قبل أن يَصِلَ إلى الصَّفِّ، ثم دخلَ في الصَّفِّ، فلما انصرفَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم مِن الصَّلاةِ سأل مَنِ الفاعل؟ فقال أبو بَكْرة: أنا، فقال: زادكَ اللهُ حرصاً ولا تَعُدْ ولم يأمره بقضاء الرَّكعة التي أدركَ ركوعها، دون قراءتها، ولو كان لم يدركها لكانت قد فاتته، ولأمره النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بقضائها، كما أمَرَ المسيءَ في صلاتِهِ أن يعيدَها، فلما لم يأمره بقضائها عُلِمَ أنه قد أدرك الركعة، وسقطت عنه قراءة الفاتحة، فهذا دليل من النصِّ.

والمعنى يقتضي ذلك: لأن هذا المأموم لم يدرك القيام الذي هو محلُّ القراءة، فإذا سقط القيامُ سَقَطَ الذِّكْرُ الواجبُ فيه وهو القراءة. كما يسقطُ غَسْلُ اليد إذا قُطعت مِن فوق المرفق. إنَّ فَقْدَ المحلِّ يستلزمُ سقوط الحال. انتهى. وبهذا التقرير الواضح للعلامة العثيمين رحمه الله يندفع الإشكال في هذه المسألة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني