الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لدي سؤال يحيرني كل يوم، وأريد منكم جزاكم الله خيرا جوابا شافيا كافيا كي لا أعيش مثقلا بالذنوب والخطايا.
تعرفت على فتاة عبر الإنترنت من بلد أوربي، كانت مسيحية ودخلت الإسلام منذ سنين، ماتت أمها ولم يبق سوى زوج أمها السابق وهو مسيحي، أما أبوها وهو كذلك غير مسلم، فلا تعرف عنه شيئا سوى أنه في بلد ما في أمريكا. هذه الفتاة كانت مطلقة من رجل مسلم طلاقا شفهيا أما كتابيا في المحكمة الأوربية فلم يكن بعد كذلك. قررنا الزواج في بلدي زواجا كتابيا مثل جميع الناس في بلدي. لكن المشكلة الكبرى أن الكاتب أو المأذون طلب مني ورقة طلاقها من المحكمة في أوربا، فثبت بعد الاتصال بها هاتفيا أن هذه الورقة تستغرق عاما بل قد تدوم عامين للحصول عليها. كما طلب مني ورقة تثبت أنها تعمل وتتقاضى أجرة مع العلم أنها لا تشتغل. إضافة إلى مجموعة من الأوراق المستحيلة. وبعد الأخذ والرد قررت الزواج بها عرفيا، وقد قبلت هي بذلك فقامت بإخبار مطلقها، أما زوج أمها السابق أو متبنيها غير المسلم فلم تخبره لأنها تعتقد أنه غير مسلم كما أنه ليس بأبيها، ولا يصح أن يكون ولي لها. فقد أخبرتني أن زوجها السابق أو مطلقها هو في مرتبة أسرتها أو ولي أمرها.أما أنا فقد أخبرت أمي وأخي وأختي، أما أبي فلم يكن حاضرا فأخبرته أمي هاتفيا. بعد وصول الفتاة المطلقة شفهيا لبلدي جرت مكالمة هاتفية بيني وبين مطلقها فأكد لي أنها مطلقة شفهيا منه منذ عام، ودعا لي أن يبارك الله لنا زواجنا. فقمت بالبحث عن إمام يعقد الزواج فتبين لي الهلع والخوف بين جميع من أسأل. فالكل مرعوب من الحكومة وعصاها إن قاموا بعقد النكاح. كنت في حيرة من أمري، كما أن أسرتي عملت ما بوسعها فكان الأمر مستحيلا. تناقشت مع عمي فقال لي لا يوجد حل سوى أن أتزوجها هكذا عرفيا بدون إمام وفقط بعلم أسرتي. فدخلت بها وقمنا بعد ذلك بوليمة صغيرة قبل ذهاب الفتاة إلى بلدها الأوربي، وبعد انتهاء فترة إقامتها ببلدي ورجوعها إلى بلدها، قمنا في بلدي بوليمة كبيرة دعونا فيها جميع من نعرف. مرت الأيام وازداد لدينا ابن وقمنا بالعقيقة في بلدي بعد عودتها في زيارة لي في بلدي. قالت لي إنها لا تستطيع العيش في بلدي، ومن المستحسن أن أذهب إلى بلدها للعيش معها ومع ابني هناك. يسر الله لي ذلك بعد الدعاء والإنابة. قمت بعد خروج حكم الطلاق كتابيا من المحكمة الأوربية بتوثيق الزواج بيننا كتابيا لضمان حقوقها وحقوق ولدي مني كما هو معروف في القانون هنا. كان ذلك بحضورها وحضور امرأتين غير مسلمتين ومترجم. خالجها وخالجني بعد ذلك شك في صحة زواجنا من الأصل. بعد مناقشات بيننا ذهبنا إلى المسجد هنا وحكيت للإمام ما وقع وكان رأيه أن زواجنا صحيح. إزدادت لدينا طفلة والحيرة والشك يراودنا حتى اليوم في صحة زواجنا أصلا. فأنا في حيرة وخوف من الله وشك في أمري. فاقطعوا عني الشك وأرشدوني وانصحوني وأفتوني في أمري جزاكم الله خيرا إلى يوم الدين. هل زواجنا صحيح؟ إن كان لا فهل هذا الفعل يعتبر زنى؟ إن كان نعم. هل يعتبر أولادي أطفال زنى؟ ماذا يجب علي فعله لإرضاء الله عز وجل إن كنت قد أغضبته بغير علم؟ أجيبوني في أسرع وقت ممكن من فضلكم، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان الذي تولى تزويج تلك الفتاة لك رجل مسلم عدل، وشهد على العقد شاهدان مسلمان، وكان ذلك بعد انتهاء عدتها من زوجها الأول، فزواجك بها صحيح إن شاء الله، قال ابن قدامة: فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا ذو سلطان فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها. وانظر الفتوى رقم: 10748.

وأمّا إذا كانت قد زوجتك نفسها بدون ولي، فالزواج غير صحيح عند جمهور العلماء، لكن ما دمتما فعلتما ذلك معتقدين صحة الزواج، فليس ذلك زنا، والأولاد أولادك بلا شك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا، مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ....: فَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْهَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ، وَيَتَوَارَثَانِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.

وفي هذه الحال عليك أن تعقد عليها عقدا جديدا مع رجل عدل من المسلمين يكون وليها وبحضور شاهدين عدلين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني