الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعبد لله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا

السؤال

هل المالك من أسماء الله تعالى ؟وكيف نقول: علينا الاتصاف بصفات الله، صفات الله لا ندركها فكيف نتصف بها ؟ !!!!

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمالك اسم من أسماء الله الحسنى، ذكره الله تعالى في كتابه، كما في قوله تعالى: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. {الفاتحة: 4}. وقوله سبحانه: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ .. {آل عمران: 26}. وراجعي الفتوى رقم: 75787.

قال الشيخ السعدي: المالك: الذي له الملك فهو الموصوف بصفة الملك، وهي صفات العظمة والكبرياء والقهر والتدبير، الذي له التصرف المطلق في الخلق والأمر والجزاء. اهـ.

وأما الشطر الثاني من السؤال، فلا يتأتى إشكاله إلا إذا كان المطلوب هو الاتصاف بكيفية اتصاف الله بها، فهذا هو الذي لا نعلمه، والصواب أن ذلك غير مأمور ولا مقدور، بل على العبد أن يتصف بما يليق به من هذه الصفات، على الوجه الذي يليق بذاته هو، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 130309.

ومما يوضح ذلك قول ابن القيم في (طريق الهجرتين): لا أحد أحب إليه الإحسان من الله، فهو محسن يحب المحسنين، شكور يحب الشاكرين، جميل يحب الجمال، طيب يحب كل طيب، نظيف يحب النظافة، عليم يحب العلماء من عباده، كريم يحب الكرماء، قوي والمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف، بر يحب الأبرار، عدل يحب أهل العدل، حيي ستير يحب أهل الحياء والستر، غفور عفو يحب من يعفو عن عباده ويغفر لهم، صادق يحب الصادقين، رفيق يحب الرفق، جواد يحب الجود وأهله، رحيم يحب الرحماء، وتر يحب الوتر، ويحب أسماءه وصفاته ويحب المتعبدين له بها، ويحب من يسأله ويدعوه بها، ويحب من يعرفها ويعقلها ويثني عليه بها ويحمده ويمدحه بها ... ولما كان سبحانه يحب أسماءه وصفاته كان أحب الخلق إليه من اتصف بالصفات التي يحبها، وأبغضهم إليه من اتصف بالصفات التي يكرهها، فإنما أبغض من اتصف بالكبر والعظمة والجبروت لأن اتصافه بها ظلم؛ إذ لا تليق به هذه الصفات ولا تحسن منه لمنافاتها لصفات العبد، وخروج من اتصف بها من ربقة العبودية، ومفارقته لمنصبه ومرتبته، وتعديه طوره وحدّه، وهذا خلاف ما تقدم من الصفات كالعلم والعدل والرحمة الإحسان والصبر والشكر، فإنها لا تنافي العبودية، بل اتصاف العبد بها من كمال عبوديته؛ إذ المتصف بها من العبيد لم يتعد طوره ولم يخرج بها من دائرة العبودية. اهـ.

وقال في (الجواب الكافي): من وافق الله في صفة من صفاته قادته تلك الصفة إليه بزمامه وأدخلته على ربه وأدنته منه وقربته من رحمته وصيرته محبوبا له، فإنه سبحانه رحيم يحب الرحماء، كريم يحب الكرماء ... اهـ.

وقال في (مدارج السالكين): الإنصاف في معاملة الله: أن يعطى العبودية حقها وأن لا ينازع ربه صفات إلهيته التي لا تليق بالعبد ولا تنبغي له، من العظمة والكبرياء والجبروت. اهـ.

وقال في (بدائع الفوائد) في بيان مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة، قال: المرتبة الأولى: إحصاء ألفاظها وعددها. المرتبة الثانية: فهم معانيها ومدلولها. المرتبة الثالثة: دعاؤه بها، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الأسماء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}. وهو مرتبتان إحداهما: دعاء ثناء وعبادة، والثاني: دعاء طلب ومسألة .. وهذه العبارة أولى من عبارة من قال: يتخلق بأسماء الله؛ فإنها ليست بعبارة سديدة، وهي منتزعة من قول الفلاسفة بالتشبه بالإله على قدر الطاقة، وأحسن منها عبارة أبي الحكم بن برهان وهي التعبد، وأحسن منها العبارة المطابقة للقرآن وهي الدعاء المتضمن للتعبد والسؤال، فمراتبها أربعة: أشدها إنكارا عبارة الفلاسفة وهي التشبه، وأحسن منها عبارة من قال التخلق، وأحسن منها عبارة من قال التعبد، وأحسن من الجميع الدعاء وهي لفظ القرآن. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني