الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

إذا سمحتم أنا عندي مشكلة دينية واجتماعية جامدة، وأريد مساعدة وأتمنى أن يتسع صدركم لي،،أنا أسمع أحاديث الرسول عن المرأة، وأنها متاع الرجل، وأن المرأة هي التي يلزمها أن تسعد زوجها وتطيعه، وإلا فستدخل النار، وأن أحد الأنصار عرض على أحد المهاجرين أن يزوجه إحدى زوجاته بعد أن يطلقها، وأن امرأة وهبت نفسها للنبي وهو كان لا يريدها فقال له أحد الصحابة إن لم يكن بك حاجه لها فأنا أريدها وأعطاها له،، وغير ذلك من الأحاديث. والحقيقة وأخجل من قول ذلك، أنا عندي خلل ديني في هذه الأمور، وأحس أن المرأة أسيرة أو جارية أو بضاعة في السوق، ومن كثرة سوء استخدام الدين أصبحت عندي مشكلة أن ماعدت قادرة أن أفرق بين المعنى الحقيقي من حديث الرسول وبين ما يحدث الآن،،على سبيل المثال لما يتقدم شاب لفتاة هي مطالبة بالتزين له بالميكب وارتداء ملابس معينة(كالمنتشر الآن) حتى تعجبه(حتى لو هذا ضد مبدئها ودينها)لأن الرسول قال: إذا نظر إليها سرته، وعلى حد فهمي للدين أن المقصود بذلك داخل المنزل لا خارجه،، أنا يا شيخنا مستواي في الدين ليس عميقا لكن أصلي وأحاول أتقرب من ربنا، لكن النقطة هذه تحدث عندي خللا وخائفة أموت هكذا، وقد تكون هي السبب في عدم وصولي لمرحلة الالتزام الحقيقي، والمشكلة هذه تثار بداخلي بدرجة تصل إلى الضيق والغيظ عندما أقابل خاطبا، وأنا ألبس حجابا أحسبه شرعيا واسعا وفضفاضا ولا أضع ميكب وأحاول ألتزم، لما أقابل أكثر من خاطب يروح ولا يرجع بغض النظر عن ديني وأهدافي وفكري من أجل من ناحية لأني ممتلئة، وفي نظر الناس البنت الممتلئه تروح تموت أو تقوم بالتخسيس لأنها المفروض تسعد زوجها حتى إذا نظر إليها سرته وهي متاعه(ولا أدري لم لا أسمع أن الرجل متاع المرأة، وأنه المفروض أن يسرها كذلك) ومن ناحية لأن ملابسي كما وصفت من قبل، والشباب يريد اللبس المنتشر الآن والمعروفة الآن من (بدي واسترتش وحجاب على الموضه و ميكب وووو) أنا اقتربت أن أنهار أمام المجتمع وأتخلى عن مبادئي أو جزء منها حتى أساير الأمور وأتزوج مثل غيري.. سامحني يا شيخنا الفاضل أعرف أن كلامي متشابك وسؤالي غير واضح لكن أنا تعبانة جدا ولا أريد أن أتكلم إلا مع أهل الدين ليقولوا لي ماذا أعمل ويصححوا لي فكري عن أحاديث الرسول، خلاصة الأمر أني من ناحية وللأسف أتضايق من أحاديث الرسول التي أحس منها أننا أسيرات ومتاع للرجل ومطالبات بأمور كثيرة، والمجتمع ماسك فيها حتى بعض الشيوخ ماسكون فيها، وقلما أجد من يتحدث بأحاديث في مصلحة المرأة وأن الرجل يسرها ويكون متاعا لها وو..، ومن ناحية خائفة على نفسي أن أقع وأساير متطلبات المجتمع، أنا نفسي أتزوج زوجا متدينا وصالحا وأربي أولادي على الدين الصحيح، والخلل الذي كان في تربيتي أصلحه فيهم، لكن لم أجد هذا الزوج، والمجتمع فئتان: فئة رجال الدين والشيوخ وهؤلاء يتزوجون المنتقبات، وفئة الشباب المعروف وهؤلاء مع البنات المعروفات الآن، وفئة في النصف(مثلي) لا هن منتقبات فيطالوا رجال الدين، ولا هما من البنات المعروفات فيطالوا الشباب الآخرين، وأنا تعبت ولا أدري لأي الفئتين أتقرب، النقاب ليس في تفكيري، ولا أهلي يرضون به، ولا مبادئي وأخلاقي وديني يسمح لي أكون من الطرف الآخر، الشاب الآن لا يعنيه الدين، لكن يبحث عن البنت الأمورة ويختار أن يكون لونها كذا وطولها كذا ووزنها كذا ومستواها التعليمي والاجتماعي كذا، وآخر شيء يهمه الدين، ويدقق في تفاصيل الشكل بشكل غريب لأن الرسول قال إذا نظر إليها سرته، ولازم البنت تضع ميكب لما تقابله أو عادي في الشارع لتشد واحدا إذا نظر إليها سرته، وتكشف جزءا من شعرها وجزءا من ذراعها على خفيف، ولا تكون معقدة، وتلبس على الموضه ليعرف أنها أمورة ورفيعة وإذا نظر إليها سرته، ولازم تكون رشيقة القوام وتمثل وتكذب وتتصنع ما ليس فيها حتى إذا نظر إليها سرته، ولأننا متاع الرجل ولأن الرجل يحب التي تضحك عليه، ولا أحد من المجتمع يقول كيف يكون دينها ولا أخلاقها ولا فكرها، وممكن تكون واحدة ليس فيها عيب وكل مواصفات الحديث(تنكح المرأة لأربع..) فيها ولكن المشكله في وزنها، وترفض لأن الوزن مقياسه أثقل من الدين، والشكل أهم من باقي الصفات، لا أقول الشكل ليس مهما لكن الوزن ليس هو كل شيء، خصوصا إن كان قابلا للتغيير وشكلها العام مقبول إلا في الوزن، أتضايق جدا يا شيخنا لما أجد بنات كثيرات محترمات وأحسبهم ملتزمات أو يحاولن يلتزمن ولا يتزوجن، واللاتي يتزوجن هن الفئتان التان قلت عليهما وربنا يسامحني على كلامي.. عارفه أني أطلت وأنا أعتذر لكن أنا لا أدري لمن أشكوا مشكلتي التي تتسبب لي في أزمة في حياتي إلا لأهل العلم لتوضحوا لي الأمور، وتفهموني قصد الرسول،، وتقولوا لي ماذا أعمل مع متطلبات المجتمع الآن،، ولماذا لا يبعث الله الأزواج الصالحين للبنات أمثالي ولا يتزوجن كالبنات المعروفات.. جزاكم الله عني خيرا، وأرجو الإفادة لأني خائفة أموت ناقمة عن جزء في ديننا وإيماني لا يكتمل وأدخل النار.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس من شك في أن سؤالك قد تشعب الكلام فيه كثيرا، لذا فإنه ليس من الممكن الرد على كل جزئية منه حرفيا، وإنما سيكون الجواب مجملا.

وننصحك بأن تهوني على نفسك. واعلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد مقاييس للجمال في المرأة المراد الزواج بها، وإنما قال لفظاً جامعاً شاملاً يصلح لكل أحد حسب تقييمه للجمال، إذ الجمال أمر نسبي كما لا يخفى، فقال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبرك بخير ما يكتنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته. رواه أبو داود والحاكم وقال: حديث صحيح الإسناد.

فقوله صلى الله عليه وسلم: سرته. معناه أنه يصير مسروراً لجمال صورتها عنده، وهذا يختلف باختلاف الناس.

وينبغي التنبه إلى أن الحديث لم يكتف ببيان الجمال الظاهر، بل جمع إليه الجمال الباطن وهو أهم من الأول، فأضاف أنه إذا أمرها بأي أمر شرعي أو عرفي أطاعته وخدمته، وإذا غاب عنها حفظته في عرضها وماله وعياله.

قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود في شرح الحديث الذي أشرت إليه: قوله (بخير ما يكنز المرء) أي بأفضل ما يقتنيه ويتخذه لعاقبته (المرأة الصالحة) أي الجميلة ظاهرا وباطنا... قيل فيه إشارة إلى أن هذه المرأة أنفع من الكنز المعروف، فإنها خير ما يدخرها الرجل لأن النفع فيها أكثر لأنه (إذا نظر) أي الرجل ( إليها سرته ) أي جعلته مسرورا لجمال صورتها، وحسن سيرتها، وحصول حفظ الدين بها ( وإذا أمرها ) بأمر شرعي أو عرفي ( أطاعته) وخدمته (وإذا غاب عنها حفظته) قال القاضي: لما بين لهم صلى الله عليه وسلم أنه لا حرج عليهم في جمع المال وكنزه ما داموا يؤدون الزكاة، ورأى استبشارهم به رغبهم عنه إلى ما هو خير وأبقى وهي المرأة الصالحة الجميلة، فإن الذهب لا ينفعك إلا بعد ذهابه عنك، وهي ما دامت معك تكون رفيقتك تنظر إليها فتسرك، وتقضي عند الحاجة إليها وطرك، وتشاورها فيما يعن لك فتحفظ عليك سرك، وتستمد منها في حوائجك فتطيع أمرك، وإذا غبت عنها تحامي مالك وتراعي عيالك. انتهى.

ولم يظلم الإسلام المرأة، ومن عدله أنه لم يجعل الواجبات على المرأة وحدها، ولا على الرجل وحده، بل قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228} فللنساء من الحقوق مثل ما عليهن من الواجبات.

ومن جميل ما يروى أن ابن عباس وقف أمام المرآة يصلح من هيئته، ويعدل من زينته، فلما سئل في ذلك قال: أتزين لامرأتي كما تتزين لي امرأتي. ثم تلا الآية الكريمة: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف).

ولا يحملنك استبطاء التزويج على أن تطلبيه بما لا يجوز؛ فما قدره الله لك منه ستجدينه لا محالة. ففي الحديث الشريف: إن روح القدسي نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم وصححه الألباني في صحيح الجامع.

ونعتقد أن هذا القدر كاف في إبطال الشبهة التي ثارت لديك، ونحن ننصحك أيتها الأخت بتقوى الله تعالى والإكثار من الاستغفار، فإنه سبب للرزق، كما ننصحك بالتعرف على النساء الصالحات، فإنهن خير معين في البحث عن الزوج الصالح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني