الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المكي مريد العمرة إذا مر بميقات ولم يحرم منه

السؤال

أنا من سكان مكة وأدرس حاليا بالخارج، ونويت القيام بعمرة في رمضان. وبعد وصولي لمكة ذهبت للتنعيم (ميقات أهل مكة) هل يلزمني فدية لعدم الاحرام من ميقات من خارج مكة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا قدمت إلى مكة من خارجها وأنت مريد للنسك لزمك الإحرام من الميقات الذي تمر به، ولا يجوز لك تأخير الإحرام إلى مكة وإن كنت من أهلها. لقوله صلى الله عليه وسلم حين وقت المواقيت: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة. متفق عليه.

فإذا كنت قد فعلت وتركت الإحرام من الميقات فقد أسأت ويلزمك دم يذبح في مكة ويفرق على فقراء الحرم، وقد تكون معذورا في عدم الإثم لجهلك بالحكم، وأما الدم فهو لازم لك لقول ابن عباس رضي الله عنهما: من نسي شيئا من نسكه أو تركه فليهرق دما. وقد نص الفقهاء على أن المكي إذا قدم مكة من خارجها مريدا النسك فواجب عليه أن يحرم من الميقات.

قال الفقيه ابن حجر المكي: إن كان عند الميقات قاصدا نسكا حالا أو مستقبلا لزمه الإحرام من الميقات بذلك النسك أو بنظيره وإلا أثم، ولزمه الدم بشرطه وإن كان عند الميقات قاصدا وطنه أو غيره ولم يخطر له قصد مكة لنسك لم يلزمه الإحرام من الميقات بشيء. انتهى.

وقال في مواهب الجليل: كَذَلِكَ الْمَكِّيُّ يَقْدَمُ مَعَهُمْ فَذَلِكَ مِيقَاتٌ لَهُ. قَالَ سَنَدٌ فِي بَاب الْمَوَاقِيتِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى إحْرَامِ الْمَكِّيِّ بِالْحَجِّ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ مَا نَصُّهُ : لَوْ سَافَرَ الْمَكِّيُّ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهَا أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي يَمُرُّ بِهِ. انتهى.

ولكن إن كنت رجعت إلى مكة بقصد زيارة أهلك وإن كان في نيتك أن تعتمر بعد مدة من قدومك إلى مكة فقد رخص بعض العلماء في ذلك ورأى أنه لا يلزمك الإحرام إلا حين تريد النسك ولا يلزمك من الميقات ومن ثم فلا يكون عليك دم، وهذا ما نص عليه الشيخ العثيمين رحمه الله، وقد وجه إليه في لقاء الباب المفتوح هذا السؤال: فضيلة الشيخ: رجل سافر من القصيم إلى جدة لزيارة أهله وهو من أهل جدة وقد نوى الاعتمار في هذا السفر، فهل يجوز له أن يؤخر إحرامه حتى يصل إلى أهله؟ الشيخ: الرجل الذي أهله في جدة أنشأ السفر لأجل زيارة أهله سواء اعتمر أم لم يعتمر لكن يقول: سأعتمر إذا بقيت أسبوعاً أو شهراً أو ما أشبه ذلك، فهذا لا يجب عليه أن يحرم من الميقات، كما أن الرجل من أهل مكة لو أنه سافر من القصيم إلى مكة ذهب إلى أهله وهو يريد أن يحج هذا العام، فإننا لا نلزمه أن يحرم إذا مر بالميقات؛ لأن هذا الرجل ذاهب إلى أهله، وكذلك المسألة الأولى الذي ذهب إلى أهله في جدة .

أما الذي من أهل الرياض فهو في جدة مسافر غير مستوطن، فإذا ذهب إلى جدة لغرض شغل أو زيارة أو تجارة أو وظيفة وهو يريد أن يعتمر في هذا السفر، فهذا السفر كان للأمرين، فإننا نقول: لا تتجاوز الميقات حتى تحرم؛ لأنك مسافر حتى وأنت في جدة. انتهى.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني