السؤال
إذا شك الإمام فى صحة وضوئه وأكمل الصلاة ثم أخبر المأمومين بذلك بعد الصلاة. فهل يعيدوا الصلاة أم هي صحيحة؟
إذا شك الإمام فى صحة وضوئه وأكمل الصلاة ثم أخبر المأمومين بذلك بعد الصلاة. فهل يعيدوا الصلاة أم هي صحيحة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان هذا الإمام قد شك في كونه ترك شيئا من أعضاء وضوئه فإن هذا الشك لا يلتفت إليه لأن الشك بعد الفراغ من العبادة لا أثر له ومن ثم فصلاته وصلاة المأمومين صحيحة، وانظر الفتوى رقم: 120064، وكذا إذا كان الإمام قد شك في انتقاض طهارته فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك وصلاته وصلاة المأمومين صحيحة، لأن من تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى على اليقين وهو الطهارة.
وأما إذا كان متيقنا للحدث وشك هل توضأ أو لا فإن صلاته لا تصح لأن الأصل بقاء الحدث وهو يقين واليقين لا يزول بالشك.
قال الخرقي في مختصره: ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو تيقن الحدث وشك في الطهارة، فهو على ما تيقن منهما. انتهى.
وكان يجب عليه والحال هذه أن يخرج من الصلاة ويستخلف من يتم الصلاة بالناس ويتوضأ هو ويصلي، وإذا لم يكن فعل فالواجب عليه الآن أن يعيد تلك الصلاة، وأما المأمومون ففي صحة صلاتهم والحال هذه خلاف، فإن من ائتم بمن يعلم حدث نفسه قد اختلف العلماء في صحة صلاته، والجمهور على عدم صحتها، وقد نص الحنابلة على الفرق بين ما إذا كان الإمام يعلم حدث نفسه فتبطل صلاة المأموم وما إذا كان يجهل حدث نفسه فتبطل صلاة الإمام فقط وتصح صلاة المأموم.
قال البهوتي في الروض: ولا تصح خلف محدث حدثا أصغر أو أكبر (ولا) خلف (متنجس) نجاسة غير معفو عنها إذا كان (يعلم ذلك) لأنه لا صلاة له في نفسه (فإن جهل هو) أي الإمام، (و) جهل المأموم حتى انقضت صحت الصلاة لمأموم وحده. انتهى.
ورجح العلامة العثيمين صحة صلاة المأموم حتى لو علم الإمام بحدث نفسه.
قال الشيخ رحمه الله بعدما قرر المذهب في هذه المسألة ما عبارته:
والصحيح في هذه المسألة: أنَّ صلاةَ المأمومينَ صحيحةٌ بكُلِّ حالٍ، إلا مَن عَلِمَ أنَّ الإِمامَ مُحدِثٌ. وذلك لأنهم كانوا جاهلين، فهم معذورون بالجهلِ، وليس بوسعِهم ولا بواجبٍ عليهم أن يسألوا إمامَهم: هل أنت على وُضُوءٍ أم لا؟ وهل عليك جنابةٌ أم لا؟ فإذا كان هذا لا يلزمُهم وصَلَّى بهم وهو يعلم أنه مُحدثٌ، فكيف تَبطلُ صلاتُهم؟!!
وههنا قاعدةٌ مهمَّةٌ جداً وهي: «أنَّ مَن فَعَلَ شيئاً على وَجْهٍ صحيحٍ بمقتضى الدَّليلِ الشَّرعي، فإنَّه لا يمكن إبطالُه إلا بدليلٍ شرعيٍّ» ، لأننا لو أبطلنا ما قامَ الدليلُ على صحَّتِهِ لكان في هذا قولٌ بلا عِلْمٍ على الشرعِ، وإعنات للمكلف ومشقَّةٌ عليه، فهم فعلوا ما أُمِرُوا به مِن الاقتداء بهذا الإِمامِ، وما لم يكلَّفوا به فإنَّه لا يلزمهم حُكمه. وعلى هذا؛ فالصحيحُ أن صلاة المأمومين مع جهلهم بحاله صحيحةٌ بكلِّ حال حتى وإنْ كان الإِمامُ عالماً؛ لأنَّه أحياناً يكون الإِمام محدثاً، لكن لا يذكرُ إلا وهو يصلِّي، ثم يستحي أنْ ينصرفَ، وهذا حرامٌ عليه لا شَكَّ، لكن قد تقعُ مِن بعضِ الجُهالِ، فإذا ذَكَرَ الإِمامُ في أثناءِ الصَّلاةِ أنَّه محدثٌ، أو عَلِمَ أنه مُحدِثٌ وَجَبَ عليه الانصرافُ، ويستخلفُ مَن يُكملُ بهم الصَّلاةَ؛ لأن عُمرَ بن الخطَّاب رضي الله عنه لمَّا طَعَنَهُ أبو لؤلؤة المجوسيُّ، غلامُ المغيرةِ، بعدَ أنْ شَرَعَ في صلاةِ الصُّبحِ، تناولَ عُمرُ يَدَ عبدِ الرحمنِ بنِ عَوْفٍ فقدَّمَهُ، فصلَّى بهم صلاةً خفيفةً. وهذا بحَضْرةِ الصَّحابةِ رضي الله عنهم، فإنْ لم يفعلْ وانصرفَ، فللمأمومينَ الخِيارُ بين أن يُقدِّموا واحداً منهم يُكملُ بهم الصَّلاةَ، أو يتمُّوها فُرادى؛ لأنَّ إمامَهم ذَهَبَ ولم يستخلفْ. انتهى.
وإذا علمت ما مر فالأحوط للمأمومين في هذه الحال أن يعيدوا تلك الصلاة وإن كان ما اعتمده الشيخ رحمه الله قويا من حيث النظر.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني