الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في اختصاص الأئمة وأهل العلم بثياب معينة

السؤال

إخوتي بارك الله فيكم، وبعد سؤالي حول موضوع الإمامة: هل يشترط للإمامة ثوبٌ معين، أو هل يفضل للإمام أن يكون مرتدياً ثوباً معينا؟ فغلب على كثيرٍ من الناس أنه يجب أو يستحب للإمام أن يكون مرتدياً لدشداشة وفوقها عباءة ، أو يكتفى بمن يلبس دشداشة ، فهل هذا يوجد له دليل شرعي؟ وإن كان لا يوجد دليل ولكن لو قلتم لي أنه يفضل للإمام أن يلبس هذا الثوب المذكور ما دليلكم على هذا التفضيل ، لأن هذا الأمر شائك وكثيرٌ من الناس لا يتقدم للإمامة عند غياب الإمام بسبب أنه لا يرتدي هذا الثوب (الدشداش) ويكون مرتدياً لبنطال وقميص أو بنطال رياضة وما شابه، بل إن بعض المساجد تضع في المحراب عباءة احتياطاً فإذا غاب الإمام يتقدم أحد الأشخاص ويلبس هذا الثوب.
فما رأي حضرتكم ، وما هو الثوب الذي يفضل أن يرتديه الإمام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكل ثوب ساتر للعورة مباح فإن الصلاة تصح فيه للإمام والمأموم والمنفرد على السواء، ولا يشترط في الثوب الملبوس في الصلاة سوى أن يكون مباحا وساترا للعورة، ومن ثم فلا ينبغي التشديد في هذه المسألة وإلزام الإمام بثياب معينة، وإن كان المستحب للمصلي عموما وللإمام خصوصا أن يكون في أكمل الهيئات وأن يرتدي من أفضل ثيابه امتثالا لقوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ. {الأعراف:31}.

والإمام أولى بذلك من المأمومين لأنه محل القدوة وهو المنظور إليه، وقد نص الفقهاء رحمهم الله على مثل هذا.

جاء في فتاوى الشيخ عبد الله بن عقيل: وكذلك يذكرون تخمير المصلي رأسه بالعمامة -وما في معناها- من المستحبات. وممن نص على استحبابه المجد في «شرحه» ثم قال: ونحن لاستحباب الثوبين والعمامة لإمام أشد. نص عليه؛ لأنه المنظور إليه، والمقتدى به. أما باب الإجزاء، فيذكر الفقهاء أن من صلى في ثوب واحد بعضه على عاتقه أجزأه؛ واستدلوا بحديث عمر بن أبي سلمة المتقدم، وما في معناه من الأحاديث. بل ذكر الفقهاء أن انكشاف جزء يسير من العورة إذا لم يفحش في النظر إليه، لا يبطل صلاة الإمام والمأمومين. انتهى.

ثم الأولى موافقة الناس في عوائدهم التي لا تخالف الشرع كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 137447، والإمامة في الصلاة من مناصب أهل العلم والدين، واختصاص أهل العلم بثياب يعرفون بها هو من الأمر القديم.

قال الفقيه ابن حجر رحمه الله: اتخاذ شعار العلماء لمن هو منهم وتوقفت معرفة كونه منهم على ذلك سنة مؤكدة، لأنا مأمورون بنشر العلم وهداية الضالين وإرشاد المسترشدين فإذا توقف ذلك على شعارهم تعين لبسه بذلك القصد الحسن، وكذا يقال في لبس الطيلسان والثياب الواسعة الأكمام إذا عرفت من شعارهم وتوقفت الهداية والامتثال للأوامر عليها. انتهى.

وبه يتبين لك أن اختصاص الأئمة بثياب معينة مما لا حرج فيه، وتنبغي مراعاته لمن اتصف بذلك إذا كان من عوائد الناس، وإن كان ذلك ليس مما يجب بل الصلاة صحيحة مع ستر العورة بالثياب المباحة كما تقدم، والصلاة في الثوب الضيق الذي يصف حجم الخلقة صحيحة لمشقة الاحتراز، وإن كان الأولى مراعاة أن يكون ثوب المصلي واسعا لا يصف حجم الخلقة؛ لأن بعض العلماء قد نص على كراهة الصلاة في الثوب الضيق. وانظر لبيان حكم الصلاة في البنطلون الفتوى رقم: 4186.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني