السؤال
حكم الطلاق عندما يقول الزوج بالطلاق بالثلاثة لن أسافر هذا العام وهو بكامل وعيه، ثم يسافر. وزوجتي طالق بالثلاث إذا دخلت بيت أهلي وهذا الشخص موجود. ثم يتصالح مع الشخص ويدفع كفارة يمين ويذهب إلى أهله وأدامكم الله لمساعدة عباده؟
حكم الطلاق عندما يقول الزوج بالطلاق بالثلاثة لن أسافر هذا العام وهو بكامل وعيه، ثم يسافر. وزوجتي طالق بالثلاث إذا دخلت بيت أهلي وهذا الشخص موجود. ثم يتصالح مع الشخص ويدفع كفارة يمين ويذهب إلى أهله وأدامكم الله لمساعدة عباده؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحلف بالطلاق على فعل شيء ما أو تركه حكمه حكم الطلاق المعلق عند جماهير أهل العلم، والطلاق المعلق عندهم يقع بحصول ما علق عليه.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية ومن تبعه عدم وقوع الطلاق إذا كان الحالف لا يقصد إيقاعه وإنما قصده الزجر أو المنع أو الحث، وهو كاره للطلاق، ولا يلزمه حينئذ عند الحنث إلا كفارة يمين، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 5684.
والمفتى به عندنا هو رأي الجمهور وهو الحق الذي ندين الله به، فإذا لم يفعل الحالف ما حلف عليه فإن الطلاق يقع عليه.
فإن كان هذا اليمين بالطلاق الثلاث -كما هو الحال في هذا السؤال- فقد اختلف أهل العلم في ذلك ـأيضاـ فجمهورهم يوقعونه ثلاثا بحيث تبين منه امرأته بينونة كبرى ـ وهذا هو المفتى به عندنا ـ وبعض الفقهاء يحتسبها طلقة واحدة فقط، وقد سبق بيان هذا الخلاف في الفتوى رقم: 49805.
وأما تعليق الطلاق على فعل شيء ما فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى وقوع الطلاق إن وقع المحلوف عليه مهما كان قصد الحالف وهو المفتى به عندنا.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم الوقوع إذا كان الحالف لا يقصد إيقاعه وإنما كان قصده مجرد الزجر أو المنع أو الحث، وهو كاره للطلاق، ولا يلزمه حينئذ عند الحنث إلا كفارة يمين. وقد سبق هذا في الفتوى رقم: 5684.
وبناء على المذهب الراجح فإن دخل هذا الحالف بيت أهله حال وجود هذا الشخص الذي حلف على عدم اجتماعه به في البيت فإن الطلاق يقع عليه، ولكن إن كانت له نية معينة تخصص هذا اليمين عمل بها لأن النية تخصص اليمين، فإن لم تكن له نية فينظر حينئذ إلى بساط اليمين وما هيجه عليها فلو كان سبب اليمين مثلا خصومة بينه وبين هذا الشخص هي التي حملته على الحلف على عدم الاجتماع به فمتى وقع الاجتماع به في المكان المحدد بعد زوال هذه الخصومة فلا يقع اليمين.
قال ابن قدامه صاحب الشرح الكبير: ويرجع في الأيمان إلى النية فإن تكن له نية رجع إلى سبب اليمين عند المالكية. انتهى.
وقال ابن عبد البر: والأصل في هذا الباب مراعاة ما نوى الحالف، فإن لم تكن له نية نظر إلى بساط قصته وما أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته. انتهى.
وقال الدردير: ثم بساط يمينه وهو السبب الحامل على اليمين، إذ هو مظنة النية...مثاله، قول ابن القاسم فيمن وجد الزحام على المجزرة فحلف لا يشتري الليلة لحما، فوجد لحما دون زحام أو انفكت الزحمة فاشتراه، لا حنث عليه ... انتهى.
وقال الدسوقي في حاشيته: واعلم أن البساط يجري في جميع الأيمان، سواء كانت بالله أو بطلاق أو بعتق.
وختاما ننبه على أن الزوج إذا طلق زوجته ثلاث طلقات فقد بانت منه بينونة كبرى ولا يحل له الزواج منها مجددا إلا بعد أن تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ويدخل بها بوطء مباح، ثم يطلقها أو يموت عنها.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني