الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في بناء سور حول مقابر غير المسلمين

السؤال

يقوم اليهود وبإشراف الحكومة المغربية بإقامة أسوار حول مقابرهم القديمة في المغرب. اقترح علي أحد الأصدقاء الدخول في شراكة لبناء هذه الأسوار. دخلت معه بدون سؤال حول جواز الأمر. وقد أنجزنا المقبرة الأولى. ثم سألت أحدهم هل يجوز استثمار الأموال في مقابر اليهود؟ فقال: حرام. إن كان حراما، فماذا أفعل برأس مالي وهامش الربح في حال حصلت عليه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل في أنواع الاستثمار كسائر أنواع المعاملات هو الصحة والجواز، إلا أن يدل دليل على البطلان أو الحرمة، ومثل هذه المعاملة المذكورة في السؤال لا نعلم دليلا شرعيا يمنعها.

وقد نص الحنابلة على أنه لا بأس أن يحفر المسلم للذمي قبرا بالأجرة. ففي (كشاف القناع): ولا بأس أن يحفر للذمي قبرا بالأجرة) كبناء بيت له بالأجرة. اهـ.

وجاء في بعض كتبهم: أن الأولى تركه، كما نص عليه الرحيباني في (مطالب أولي النهى).

ولا يصح أن يقال: إن في هذا العمل إقرارا لدينهم أو باطلهم، لأن القبر المطلق ليس من خصائص دينهم، وليس هو في نفسه معصية، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم) عن الإمام أحمد أنه سئل عن الرجل المسلم يحفر لأهل الذمة قبراً بكراء؟ فقال: لا بأس به. اهـ.

ونقل قبل ذلك عنه أنه سئل عن بناء ناووس المجوس فقال للسائل: لا تبن لهم، ولا تعنهم على ما هم فيه. اهـ.

قال شيخ الإسلام: والفرق بينهما أن الناووس من خصائص دينهم الباطل كالكنيسة، بخلاف القبر المطلق، فإنه ليس في نفسه معصية ولا من خصائص دينهم. اهـ.

ونقل ابن مفلح في (الآداب الشرعية) ذلك عن شيخ الإسلام.

فالذي يظهر أنه لا مانع من العمل في بناء هذه الأسوار ما لم تتضمن نقوشا أو نحو ذلك من رموز وإشارات الكفر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني