الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القيام بعمل إضافي لزيادة المال.. رؤية شرعية إنسانية

السؤال

هل البحث عن عمل إضافي في الفترة المسائية حرام ومؤثر على الشباب الذين يبحثون عن عمل، مع العلم أنني أعمل في وظيفة محترمة ومجزية في الصباح؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا بد من التفريق بين حدود الحلال والحرام وبين مقام الإحسان والازدياد من الخير، فمن حيث حدود الحلال والحرام لا بأس ولا حرج أن يبحث المرء عن عمل إضافي طلبا لزيادة المال، طالما أن العمل نفسه مباح ولا يشغل عن الواجبات الشرعية، وقد قال الله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. {البقرة: 198}.

وقال سبحانه: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ. { الملك: 15}

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض. رواه مسلم. وراجع الفتوى رقم: 102637.

وأما إن كان العمل محظورا في ذاته، أو كان يشغل عن واجب من الواجبات الشرعية، أو كان طلبا للرياء والفخر والمباهاة: فهذا مما ينهى عنه، فعن كعب بن عجرة قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه فقالوا: يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان. قال المنذري: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. اهـ. وصححه الألباني لغيره.

قال المناوي في التيسير: وإن كان خرج يسعى ـ لا لواجب ولا مندوب بل ـ رياء ومفاخرة بين الناس فهو في سبيل الشيطان: أي طريقه وعلى ما يحبه ويرضاه. اهـ.

وأما مقام الإحسان والازدياد من الخير: فلا ريب في أن المرء لو كان مستغنيا فاكتفى بما عنده من وظيفة وترك بقية فرص العمل للمحتاجين من الشباب أنه محسن صالح النية، فإذا أضاف إلى هذا طلب التفرغ لطاعة الله تعالى بأنواعها المختلفة، الذاتية والمتعدية النفع، كان هذا هو السعي للكمال المطلوب، وقد قال الله تعالى: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ* وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ. { الشرح: 8ـ7}.

قال ابن كثير: أي إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها وقطعت علائقها، فانصب في العبادة وقم إليها نشيطا فارغ البال، وأخلص لربك النية والرغبة. اهـ.

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال الله عز وجل: يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني