السؤال
ما المراد بالأمر في قوله سبحانه في سورة القدر: من كل أمر ـ وفي قوله في سورة الدخان: فيها يفرق كل أمرحكيم؟ وهل سميت ليلة القدر بذلك، لأنها الليلة التي ابتدأ بها تقدير دينه وتحديد الخطة لنبيه في دعوة الناس؟ أم هناك معان أخرى لتسميتها بليلة القدر؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمراد بالأمر في قوله تعالى: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ.{الدخان: 4}.
قال الماوردي في النكت والعيون: في تأويل: كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ـ أربعة أوجه:
أحدها: الآجال والأرزاق والسعادة والشقاء من السنة إلى السنة، قاله ابن عباس .
الثاني: كل ما يقضى من السنة إلى السنة، إلا الشقاوة والسعادة، فإنه في أم الكتاب لا يغير ولا يبدل، قاله ابن عمر.
الثالث: كل ما يقضى من السنة إلى السنة إلا الحياة والموت، قاله مجاهد.
الرابع: بركات عمله من انطلاق الألسن بمدحه وامتلاء القلوب من هيبته، قاله بعض أصحاب الخواطر. اهـ.
ولا تعارض بين هذه الأقوال، وقد أسند الإمام الطبري نحوها عن جماعة من التابعين، ثم قال: وعنى بقوله: فيها يفرق كل أمر حكيم ـ في هذه الليلة المباركة يقضى ويفصل كل أمر أحكمه الله تعالى في تلك السنة إلى مثلها من السنة الأخرى. اهـ.
وقال ابن الجوزي في زاد المسير في تفسير قوله تعالى: تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. { القدر: 4}.
قال: قوله تعالى: فيها ـ أي في ليلة القدر ـ بإذن ربهم ـ أي بما أمر به وقضاه ـ من كل أمر ـ قال ابن قتيبة: أي بكل أمر.
قال المفسرون: يتنزلون بكل أمر قضاه الله في تلك السنة إلى قابل. هـ.
والذي اختاره شيخ المفسرين ـ الإمام الطبري ـ هو قول قتادة، وهو: أنه يقضى فيها ما يكون في السنة إلى مثلها. هـ.
وأما الكلام المنقول في السؤال: فهو كلام لم نقف على أحد من السلف قال به، وإنما أرسله قائله بلا برهان ولا دليل، وما لم يقم عليه برهان ولم يسبق إليه إمام لا يلتفت إليه.
وقد سبق لنا بيان سبب تسمية ليلة القدر بذلك، في الفتوىرقم113090، وراجع في طرق وضوابط تفسير القرآن هاتين الفتويين:8600، 25002.
والله أعلم.