السؤال
استفساري عن السحر وإبطاله. المشكلة أن لدينا العديد من المشاكل في البيت وأحضرنا شيخا للرقية الشرعية وقال إنه يوجد من بيننا من به حسد وعين ومن منا مسحور، وجاء شخص آخر وهو جار لنا وقال إن بيتكم مسحور والجن يحرسونه من كل مكان لأن هناك عملا مدفونا وأسوأ أنواع السحر وهو السحر الأحمر، وقال إنه سيبطله بمعاونة شخص آخر وطلب مبلغا من المال وقال سيحضر لنا بخورا ليتبخر به جميع من في البيت وأخبرنا أن من سيبطل السحر هو شخص له دراية وعلم بأهل الكتاب وليس دجال أو ساحر، وبعد ذلك استخرت أنا وأخي وقد حلم أخي بأنه كان به شيء أي جن بداخله وكان يردد الآية: فلما أَلْقُواْ قَالَ مُوسَىَ مَا جِئْتُمْ بِهِ السّحْرُ إِنّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ. وأنا لم أر شيئا ولكن استيقظت مرتاحة والآن نحن حائرون هل نتعامل مع هذا الشيخ أو لا لأننا خائفون ولا نريد أن نشرك بالله عز وجل ولا نعلم ماذا أفعل أفيدوني أفادكم الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لنا ولكم العافية والسلامة من شر كل ذي شر، ونفيدكم أن العين والسحر حق كما في حديث الصحيحين، ويشرع التحصن منهما بالمواظبة على الأذكار والتعوذات المأثورة. وإذا كنتم تتخوفون من حصول السحر لكم فلا حرج عليكم في الرقية الشرعية فإنها تشرع لمن تؤكد من إصابته وتشرع لمن يشك في إصابته، بل وتشرع لمن لم يصب وذلك لدفع المكروه قبل وقوعه، وننصحكم بالبعد عن المشعوذين والدجالين وأن ترقوا أنفسكم بأنفسكم أو أن تبحثوا عن راق يعرف الرقية الشرعية ولا يستعمل غيرها.
ويشرع أن تعطوا للراقي بالرقية الشرعية أجرا مقابل القراءة، لما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط! الذين نزلوا لعلهم أن يكون عندهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جّعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ: الحمد لله رب العالمين، فكأنما أنشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قَلَبَة، فقال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا له ذلك، فقال: " وما يدريك أنها رقية؟، ثم قال:" قد أصبتم، اقتسموا، واضربوا لي معكم سهماً.
قال ابن تيمية -رحمه الله: وأذن لهم في أخذ الجعل على شفاء اللديغ بالرقية. مجموع الفتاوى.
وعليكم بالبعد عن المشعوذين والدجالين فارقوا نفسكم بأنفسكم أو بالاستعانة ببعض الرقاة المعروفين بصحة الاعتقاد واتباع السنة.
وأما من يدعي العلاج بالبخور ممن يزعم العلم بما عند أهل الكتاب فيجب البعد عنه لأن العلاج بالبخور من شيم المشعوذين والدجالين، ولم يتضح لنا المقصود بقول السائل له دراية وعلم بأهل الكتاب.لكن إن كان المقصود هو المتبادر من أن الراقي المذكور له دراية... فنقول: إن من يدعون العلم بما عند أهل الكتاب يستخدمون غالبا ما لا يفهم معناه. وهذا يحتمل اشتماله على بعض الشركيات المأخوذة من سحرة اليهود أو غيرهم ولا يجوز التعامل مع من يعالج به.
فقد قال الشيخ حافظ الحكمي في سلم الوصول في بيان ما تشرع الرقية به وما تمنع:
ثم الرقى من حمة أو عين *فإن تكن من خالص الوحيين
فذاك من هدي النبي وشرعته *وذلك لا اختلاف في سنيته
أما الرقى المجهولة المعاني *فذاك وسواس من الشيطان
وفيه قد جاء الحديث أنه *شرك بلا مرية فاحذرنه
إذ كل من يقوله لا يدري * لعله يكون محض الكفر
أو هو من سحر اليهود مقتبس *على العوام لبسوه فالتبس. اهـ
ونوصيكم بقراءة البقرة كل ثلاث ليال في البيت، وأن تواظبوا كل ليلة على قراءة الإخلاص والمعوذتين في البيت، وقراءة آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة إضافة الى الالتزام بالفرائض والطاعات و تطهير البيت من سائر أنواع المعاصي, فإنها تجلب الشياطين وتنفر الملائكة، وقد قدمنا بعض الفتاوى في بعض أعراض السحر والحسد وعلاجها، فراجع منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 7151، 27789، 68315، 43640، 111726، 120898، 124914، 80694.
والله أعلم.