السؤال
أعيش في أوروبا ولدي مطعم ولا أبيع الخمر ولا لحم الخنزير, والصالة عندي كبيرة مما يجعلها مناسبة لإقامة الأعراس، وسؤالي: ما حكم عمل عرس بالصالة، حيث إن الأوربيين بدون خمر لا يحتفلون, يعني سيحضرها معه وبيشربها عندي بالمحل، لأنه ليس عندي خمر؟ ولكن عندي الكاسات التي يصبون فيها المشروب وأول ما فتحت لم تكن عندي كاسات مشروب، ولكن شريكي قال لي لابد أن نشتري على الأقل كاسات بما أنه لا يوجد مشروب, وشريكي قال لي إذا كان فيه إثم فأنا أحمله, لأن الناس تأتي عندنا وتسوي أعراسا، ولأنه لا توجد عندنا كاسات لا أحد يعمل عرسا عندنا، والسؤال الثاني: عندما يحجزون الصالة للعرس يطلبون أكلا وأحيانا يطلبون ستيك خنزير وليس عندي، ولكنهم يصرون إما أن تسوي ستيك خنزير، أو لن نقيم عندك حفلة, فهل أعمله أم لا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز تأجير هذا المكان لمن يعلم أنه يشرب فيه الخمر, فقد قال رسول الله صلى عليه وسلم: لعن الله الخمر وشاربها وبائعها ومبتدعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.
وكذلك لا يجوز أن تقدموا في هذا المطعم شيئا من لحوم الخنزير، فإن كان تأجير المكان للأعراس يستلزم شيئا من هذين المحظورين فلا يجوز لكم أن تفعلوا ذلك، مع التنبيه على أن هناك محاذير أخرى في الأفراح يجب اجتنابها, وراجع الفتويين : 48693, ورقم: 78201.
وأما قول شريك السائل: إذا كان هناك إثم فأنا أحمله ـ فإنه وإن كان يزيد من إثم الشريك, لا يعفي السائل فقد قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ ومَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ {العنكبوت : 12}.
قال ابن كثير: كما يقول القائل: افعل هذا وخطيئتك في رقبتي ـ قال الله تكذيبا لهم: وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ـ أي: فيما قالوه: إنهم يحملون عن أولئك خطاياهم, فإنه لا يحمل أحد وزر أحد: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى {فاطر: 18} ـ وقال تعالى: وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا * يُبَصَّرُونَهُمْ {المعارج:10-11}. انتهى .
وقال السعدي: وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ ـ هذا الأمر ليس بأيديهم, فلهذا قال: وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ ـ لا قليل ولا كثير, فهذا التحمل ولو رضي به صاحبه, فإنه لا يفيد شيئا, فإن الحق لله, والله تعالى لم يمكن العبد من التصرف في حقه إلا بأمره وحكمه, أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {النجم : 38 }. اهـ.
والله أعلم .