الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الشرع إذا منع الولي المرأة من الزواج بكفئها

السؤال

الإخوة الأفاضل بموقع إسلام ويب الموقرين: أسأل الله بمنه وكرمه أن يثيبكم على ماتقدمون وأن يجزيكم خير الجزاء على إضاءاتكم المنيرة لمن ضل الطريق، أو أشكل عليه شيء من أمور الدين، ثم إنني أود منكم مشاركتي في حل مشكلتي والتي تتلخص في الآتي:
أبلغ من العمر 35 سنة وكنت قبل عشر سنين قد تعرفت على امرأة حدث بيني وبينها ما يغضب الله عز وجل وهي تكبرني بعشر سنين، ثم من الله علينا بالتوبة من هذا الفعل المنكر وتبنا إلى الله وعدنا إليه نسأل الله الثبات، ومن الله على كلينا بالحج بعد ذلك وأخلصنا التوبة لله ـ ولله الحمد ـ ومنذ ثلاث سنين لم نقترف ماكنا نعمل من قبل، ولكن لازلنا نتواصل هاتفيا حيث جمع بيننا حب لا يعلم مداه إلا الله ولم نستطع للخلاص منه سبيلاومع كثرة إغراء الشيطان لنا أخزاه الله إلا أننا تعاهدنا على عدم العودة لما كنا عليه، وأن لا نترك للشيطان سبيلا إلا بما يرضي الله ـ بالحلال ـ وحاولنا مرارا وتكرارا الزواج ولكن لم نفلح في ذلك، فالمرأة لديها ولدان من زوجها المتوفي ولن يقبلوا أبدا بزواجها، وأخوها الكبير ـ وهو وليها ـ لا يوافق البتة على مثل هذا الزواج لفارق السن بيني وبينها، ولأنها لا تود اللجوء إلى القاضي لتزويجها ليقينها بأنها ستخسر أهلهافقد قمنا بنسيان الموضوع وتجاهله لعل الله أن يصرف عنا هذا الحب القاتل، ولكن ولله الحكمة البالغة يزيد قربنا من بعضنا يوما بعد يوم والرغبة تتزايد ولا نرضى بغير الحلال حلا وطريقا، ومع أنني تزوجت ولله الحمد من أخرى إلا أنني منصرف بكليتي وذهني للأولى وهي كذلك وأشهد الله وهي كذلك أننا لا نريد إلا ما يرضي الله مع أن السبل أمامنا متاحة للعودة إلى ما كنا عليه، ولكن من توفيق الله أن ثبتنا على توبتنا، والرسول الكريم عليه صلوات ربي وسلامه يقول: لم ير للمتحابين مثل النكاح ـ فهل من سبيل للجمع بيننا مع وجود هذه العوائق من أهلها؟ وهل يستثنى حالنا بأن يصح لنا الزواج بالسر من دون ولي ولا إشهار؟ وهل يستطيع مأذون ما أن يكتب ميثاق زواجنا بدون علم أحد؟ وأخشى ما أخشاه أن تتقطع بنا السبل فنعود للحرام ـ والعياذ بالله ـ أرجوكم أفيدونا ولكم كامل الحرية في نشر الفتوى، أو إبقائها سرية حال خوفكم من نشر الفتوى وأن يعمل بها خلق كثير، مع تعهدي أمام الله، والله شاهد على ذلك أن تبقى فتواكم طي صدري وصدرها فقط ما حيينا إن رغبتم في ذلك، أشير فقط إلى أنها متنازلة عن حقوقها بالكامل وموافقة على الزواج بالسر في حال أفتيتم بذلك، وجزاكم الله خيرا كثيرا وأثابكم على ماتقومون به، والله من وراء القصد، ولا حول ولا قوة الا بالله والله المستعان وصلي اللهم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يتقبل منكما هذه التوبة وأن يحفظكما في دينكما, وأن يرزقكما الهدى والتقى والعفاف والغنى، ويجب على كل منكما أن يتقي الله, فلا يحصل بينكما ما لا يرضاه الله ولا تجوز لك محادثتها عبر الهاتف، أو غيره، لئلا يكون ذلك ذريعة إلى الوقوع معها في الحرام.

واعلم أن من أهم شروط النكاح إذن الولي وحضور الشهود, وراجع في هذا الفتوى رقم: 1766

فلا يجوز لك أن تتزوج من هذه المرأة سرا بغير ولي في قول جمهور أهل العلم ومن غير وجود شهود, فمثل هذا النكاح باطل لا تحل لك به زوجة.

وإذا كانت هذه المرأة راغبة كما ذكرت في الزواج منك فقد جعل الله لها مخرجا غير ما تحاولون من الوصول إلى مبتغاكم بطريق لا يرضي الله عز وجل، فالمرأة إذا رضيت بالكفء فليس من حق وليها منعها منه، فتنتقل الولاية إلى الولي الأبعد، أو إلى القاضي الشرعي على خلاف بين الفقهاء في ذلك، كما هو مبين بالفتوى رقم: 32427.

ثم إن هذه المرأة قد يكون الزواج واجبا في حقها إذا خشيت الوقوع في الحرام فتتزوج منك، أو من غيرك، فإذا لم تستطع الصبر فمراعاتها لأهلها، أو ابنيها في غير محلها, لأنها إنما تضر بنفسها، وانظر الفتوى رقم: 53409، وهي عن حكم الزواج.

وإذا لم يتيسر لك الزواج منها فيجب عليك صرف قلبك عنها وقطع أي علاقة لك بها, والعشق يمكن علاجه إن صدق العزم, ولمعرفة السبيل إلى ذلك، راجع الفتوى رقم: 9360.

وننبه إلى أمرين:

الأول: أنه لا حرج على المرأة في أن تسقط شيئا من حقوقها على زوجها كالنفقة، أو القسم في المبيت ونحو ذلك.

الثاني: أن النكاح إذا تم بولي وشهود فلا حرج في كتمانه ولا يؤثر ذلك على صحته, لأن إعلان النكاح مستحب وليس بواجب، كما بينا بالفتوى رقم: 127689.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني