الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وهب لبعض أبنائه بشرط أن يهبوا ميراثهم لبقية إخوتهم

السؤال

نحن أخوان وست أخوات، قام والدي باستقطاع جزء من أرض وتخصيصها لأختين لي وذلك لرغبتهن بالبناء عليها، وقام بأخذ موافقتنا وتم البناء وفرز الأرض بوثيقة مستقلة.
السؤال هو: هل يجوز للوالد أن يوصي بتقسيم ما تبقى من الأرض بين باقي الأبناء بالتراضي وأخذ تعهد على الأختين اللتين قامتا بالبناء بعدم المطالبة بحقهن في باقي الأرض؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالوصية لوارث لا تصح، والهبة كذلك لبعض الأبناء على أنها نصيبهم من الميراث لا تصح، كما أنه لا يصح في الهبة اشتراط شرط ينافي العقد كأن يهب لشخص بشرط أن يهب هو لغيره شيئاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 116137.

وهذه المحاذير لا بد من حصول بعضها في ما يريد الوالد فعله، فقد وهب لبعض أبنائه بشرط أن يهبوا هم نصيبهم في الإرث لبقية إخوتهم، أو أوصى بنصيب بعض الأبناء لصالح بقيتهم..

والصواب أن ينظر في هبة الوالد قطعه الأرض هذه لابنتيه، فإن كان لمسوغ شرعي كاختصاصها بفقر وحاجة فلا يلزمه أن يعطي بقية أولاده مثلهما.

قال ابن قدامة في المغني: إن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة، أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى.

وأما إن كان بغير مسوغ فإما أن ترد الهبة، وإما أن يعطي بقية الأولاد ما يحقق العدل بينهم، وقد اختلف أهل العلم فيما يطلب من العدل عند القسمة في حال حياة الواهب من الوالدين إذا كان الأبناء خليطاً من الذكور والإناث، فقيل: تجب التسوية وقيل: يعطي الذكر نصيب أنثيين، والقول بالتسوية بين الذكر والأنثى في العطية هو الأظهر والأقوى، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 50206، والفتوى رقم: 33348.

فإن لم يفعل الوالد هذا في حياته فُعل ذلك بعد مماته في قول بعض أهل العلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضاً، طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 107734، والفتوى رقم: 136232.

وهذا مبناه على وجوب العدل بين الأولاد في الهبة، وحرمة تخصيص بعضهم إلا لمسوغ شرعي، على الراجح من أقوال أهل العلم، كما فصلناه في الفتاوى المشار إليها آنفاً، ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 59925، 54902، 14893.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني