السؤال
ما هو القرض الحسن وما هي شروطه وأحكامه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقرض في الشرع هو دفع مال إلى من ينتفع به ويرد بدله، جاء في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي: إعطاء شخص مالاً لآخر في نظير عوض يثبت له في ذمته، مماثل للمال المأخوذ بقصد نفع المعطى له فقط. فالغرض منه أصالة معونة المقترض وتفريج كربته بمنحه منافع المال المقرض مجاناً مدة من الزمن، ولا يجوز أن يكون سبيلاً للاسترباح وتنمية رأس المال المقرض.
وأما الإحسان فيه فهو درجة زائدة على ذلك، فالقرض الحسن كما قال أهل التفسير هو (أن يكون عن احتساب وطيب نفس)، فباذله يبتغي به وجه الله عز وجل طيبة به نفسه لا منة فيه ولا أذى، وزاد بعضهم كونه من المال الحلال خاصة؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً. والقرض الحسن من فضائل الأعمال وما يتقرب به إلى الله الكبير المتعال، وقد ندبنا إليه الشارع الحكيم، فقال ذو الجلال: مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {البقرة:245}، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقة مرة. رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه ولو شواهد كثيرة، وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة مكتوباً الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر، فقلت: يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال: لأن السائل يسأل وعنده، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة. رواه ابن ماجه والبيهقي.
وقال ابن قدامة في المغني: والقرض مندوب إليه في حق المقرض مباح للمقترض لما روينا من الأحاديث، ولما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه. وقال أبو الدرداء: لأن أقرض دينارين ثم يردان ثم أقرضهما أحب إلي من أن أتصدق بهما. ولأن فيه تفريجاً عن أخيه المسلم فكان مندوباً إليه كالصدقة عليه وليس بواجب، قال أحمد: لا إثم على من سئل القرض فلم يقرض. انتهى.
وبناء على ما ذكرنا، فإن الأفضل لمن يملك مالاً يزيد على حاجته أن يقرضه لمن يطلب منه القرض طلباً للثواب وإرفاقاً بالمحتاجين. ويشترط في القرض الحسن أن لا يشترط فيه المقرض زيادة أو نفعاً مقابل القرض، وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى: 95600، 15937، 72092.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني