السؤال
في البداية أحب أن أشكركم على موقعكم الرائع. ثانيا: سؤالي: عندي شخص من الأصحاب تعرفت عليه من فترة قصيرة، تقريبا سنة، وفي الحقيقة لم أرتح لهذا الشخص، وتعرفون الأرواح جنود مجندة، ولكن هذا الشخص لا أكرهه أبدا، ولكن هكذا لا أحب أن أتحدث معه وأجالسه لأني أحس بالملل عنده. فهل يجوز أن أقطع علاقتي معه، ولا يعتبر ذلك هجرا لأخي المسلم، يعني أغير رقم جوالي مثلا، ولا يعرف كيف يتصل بي، وتنتهي العلاقة معه. هل يجوز ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فان الأصل جواز انقباضك عن هذا الشخص، وتغيير رقم هاتفك تفاديا لاتصاله بك، ما دمت لا توجد عندك كراهية له، ولكنا ننبهك الى أن الشرع ندب للحرص على المحبة والتواصل بين أفراد المجتمع المسلم، بل قد جعل الرسول هذا طريق الجنة، وذكر أن إفشاء السلام والمصافحة والتهادي من أهم الأسباب التي يحصل بها التحابب وانتهاء الغل بين الناس، فقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا، ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم. وفي الحديث: تهادوا تحابوا، وتصافحوا يذهب الغل. رواه مالك وحسنه ابن عبد البر.
وقد جاءت نصوص كثيرة صريحة صحيحة بتحريم الهجر والتخاصم والتقاطع بين عموم المسلمين كقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. ورواه مسلم.
وإذا كنت عند اللقاء به لا ترفض السلام عليه، فلا تعتبر مهاجرا له، كما قال ابن حجر : قال أكثر العلماء تزول الهجرة بمجرد السلام وردّه. اهـ
ولو أنك كنت تزوره أحيانا، وتحضه على الاشتراك معك في مدارسة شيء من العلم الشرعي، فنرجو أن تحصل بينكما محبة ربانية، وتعاون على الخير تزول به الوحشة التي تحسها في نفسك. وفي الحديث القدسي: وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في. رواه مالك. وفي رواية: حقت محبتي على المتحابين في، وحقت محبتي على المتناصحين في. رواها ابن حبان.
وفي المسند عن أنس قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعال نؤمن بربنا ساعة، فقال ذات يوم لرجل فغضب الرجل، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة. والحديث حسن إسناده الهيثمي والعجلوني .
والله أعلم.