الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع للموظف قبول قرض حسن من أحد عملاء الشركة

السؤال

أنا شاب متزوج، ولي أسرة، وحيث إنني أعمل في إحدى المؤسسات بوظيفة سكرتير، والمؤسسة تقوم بتنفذ مشاريع متنوعة لصالح المتضررين من الكوارث الطبيعية في دول إسلامية عن طريق شركات خاصة تعمل في هذا المجال، علماً أنه ليس لدي أي صلاحية في أعمال المؤسسة سوى طباعة الخطابات الإدارية وغيرها بالإضافة للتنسيق مع الشركات المتعاملة مع المؤسسة لمتابعة المشاريع فقط، وعلماً بأنني أسكن في بيت مستأجر في منطقة قريبة من مكان العمل، لأنه ليس لدي سكن خاص بي، وفي يوم من الأيام اقترح علي صاحب إحدى الشركات المتعاملة مع مؤسستنا شراء قطعة أرض وبناء منزل عليها حتى أتخلص من تسديد الإيجارات فقلت له إنه لايوجد لدي مبلغ يكفي لشراء الأرض وبناء منزل عليها، فقال لي صاحب الشركة اشتري أرضا وإذا احتجت فسأساعدك بمبلغ مناسب ويكون عليك قرض تقوم بتسديده لي على أقساط فيما بعد دون أي زيادة، علماً أنه توجد بيننا علاقة أخوية قد بدأت منذ توظيفي في المؤسسة وتكليفي بوظيفة السكرتير والسؤال: هل يجوز لي أن أقترض للغرض المذكور أعلاه أم لا؟ وخاصة عندما لا يطلب مني صاحب الشركة أي مساعدة مقابل هذا القرض، بل يريد مساعدتي؟ أفتوني في ضوء كتاب الله والسنة وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالقرض الحسن من فضائل الأعمال وما يتقرب به إلى الكبير المتعال، وقد قال سبحانه: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الحج: 77 }.

قال السرخسي في المبسوط: والإقراض مندوب إليه في الشرع. انتهى.

وقال ابن قدامة في المغني: والقرض مندوب إليه في حق المقرض مباح للمقترض، لما روينا من الأحاديث ولما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ـ وقال أبو الدرداء: لأن أقرض دينارين ثم يردان، ثم أقرضهما أحب إليَّ من أن أتصدق بهما ـ ولأن فيه تفريجا عن أخيه المسلم فكان مندوبا إليه كالصدقة عليه وليس بواجب، قال أحمد: لا إثم على من سئل القرض فلم يقرض. انتهى.

وبالتالي، فما دام عملك في الشركة مجرد طباعة الخطابات الإدارية والتنسيق لمتابعة سير العمل مع الشركات ونحوها مما لاتملك فيه قرارا تستطيع به جلب نفع، أو دفع ضر عن صاحب تلك المؤسسة ولم تفهم من قصده أنه أراد التأثير عليك من أجل أن تحابيه في العمل، وإنما قصد فعل الخير، فلا حرج عليك أن تقبل منه ذلك العرض وتقترض منه قرضا حسنا لتبني بيتا، أو غيره ثم تعيد إليه ماله، وأما لو كان مراده هو استمالتك لتتغاضى عن بعض أخطائه، أو تقصير شركته مع مؤسستك فلا يجوز لك أن تقترض منه لكونه ربا في حقه، إذ يجر به منفعة لنفسه ورشوة في حقك، لأنك تدفع به حقا، أو تحق به باطلا، فإن لم يكن هذا، أو ذاك، وإنما قصد الرجل مساعدتك فحسب فلا حرج واستفت قلبك، فالبر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، كما في حديث وابصة في مسند أحمد بسند حسن، كما قال المنذري ووافقه الألباني: يا وابصة استفت قلبك: البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني