السؤال
هل العدم مخلوق من مخلوقات الله سبحانه وتعالى؟ أقصد بالعدم اللاشيء كأن تأخذ صندوقا فارغا مثلا وتسحب منه الهواء فيصبح يحتوي على العدم، وهل لديكم معلومات عما كان يوجد قبل خلق أي شيء، هل الذات الإلهية فقط؟ وهل يصح القول بأن العدم موجود مع الذات الإلهية قبل خلق أي شيء؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمما يوضح للسائل مراده أن يعلم أن العدم ليس بشيء أصلا، وهذا مما اتفق عليه عقلاء الأمم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية: الصواب المتفق عليه بين أهل السنة وعقلاء الخلق أن العدم ليس بشيء في الخارج، وإنما كان له وجود في العلم. اهـ.
وقال في درء التعارض: العدم لا يُعلَّل ولا يُعلَّل به. انتهى.
وقال ابن حزم في الفصل: العدم ليس معنى ولا هو شيئا، وترك الله تعالى للفعل ليس فعلا البتة. انتهى.
وقال ابن القيم في مفتاح دار السعادة: الشيء إنما يكون شيئا في الخارج، أو في الذهن والعلم، وما ليس له حقيقة خارجية ولا ذهنية فليس بشيء، بل هو عدم صرف، ولا ريب أن العدم ليس بفعل فاعل ولا جعل جاعل انتهى.
وقال في طريق الهجرتين: العدم المحض لا يكون له فاعل، لأن تأثير الفاعل إنما هو في أمر وجودي، فإن العدم ليس بشيء أصلاً، وما ليس بشيء لا يقال إنه مفعول لفاعل، فلا يقال إنه من الله، إنما يحتاج إلى الفاعل الأمور الوجودية. انتهى.
وقال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية: نفي الماهية هو نفي الوجود، لا تتصور الماهية إلا مع الوجود ولا فرق بين، لا ماهية، لا وجود، وهذا مذهب أهل السنة خلافا للمعتزلة، فإنهم يثبتون ماهية عارية عن الوجود. انتهى.
وإذا تقرر هذا، تبين خطأ قول السائل: يحتوي على العدم، وقوله: العدم موجود مع الذات الإلهية ـ وصواب العبارة الأولى أن يقال: لا يحتوي على شيء ـ وصواب الثانية أن يقال: كان الله ولم يكن شيء غيره ـ وذلك أن العدم ليس بشيء كما قدمنا، ولذلك كان من العبارات التي يرددها أهل العلم عبارة: عالم العدم ـ كما فعل ذلك الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ في كتاب: مصباح الظلام ـ وعلل ذلك بقوله: فالعدم ليس له عالم والعوالم إنَّما تطلق على الموجودات، لا على المعدومات.
وهذا يمهد لفهم الجواب عن الجزئية الثانية من السؤال، وقد جاء جوابها في صريح السنة، حيث جاء قوم من أهل اليمن فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول هذا الأمر، فقال صلى الله عليه وسلم: كان الله ولم يكن شيء غيره.
وفي رواية: شيء قبله. رواه البخاري.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 135105.
والله أعلم.