الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الضمان على المضارب المتعدي لا على الوكيل

السؤال

انخرطت في علاقة تجارية مع أحد أقربائي على أنها تجارة في كروت شحن، لم أشاهدها بعيني ولكني وثقت فيه أنها كذلك من مجرد كلامه، وانتظم الأمر معه واستقر لفترة طويلة حتى زادت ثقتي فيه، ولما كان ما تدخله علي هذه التجارة من ربح عال عرضت الأمر على عدد من أصدقائي الذين وثقوا في الأمر لثقتهم في وعلى ما أعلمه من أنها تجارة كروت شحن، واستمر الأمر كذلك لفترة تجاوز السنتين لم يتخلف هذا التاجر في دفع الأرباح شهريا، وبانتظام حتى فوجئنا جميعا بتوقفه عن دفع الأرباح وعجزه كذلك عن رد رأس المال حال طلبه، ولما تربطني بهذا التاجر من صلة القرابة شاب في نفوس البعض شائبة سوء الظن أني على علم بأسباب توقفه أو بحقيقة التجارة رغم أني أدين الله بأني لم أعلم منها إلا ما أبلغتهم به.
وبعد ضغوط كثيرة أقر التاجر أنه كان يضارب بأموالنا في البورصة وخسرها.
سؤالي : هل أعد شرعا ضامنا لأموال الناس عند هذا التاجر نظرا لكوني وسيطا لهم أو مرغبا لهم في هذه التجارة ولثقتهم الشخصية في؛ رغم أني لم أكن شريكا له في التجارة – لم أمارسها معه- ولم أكن أعلم من هذه التجارة إلا أنها تجارة في كروت الشحن وأني كنت في هذا الأمر حسن النية لم أبغ غير التوسعة على أصدقائي؟
ولسيادتكم جزيل الشكر

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمضارب من جملة الأمناء ولا يضمن خسارة رأس المال إلا بالتعدي أو التفريط، ومن التعدي أن يضارب في غير ما حدد له أو يضارب بمال المضاربة عند آخر بدون إذن صريح أو تفويض من قبل صاحب رأس المال.

قال البغدادي في مجمع الضمانات: المدفوع إلى المضارب أمانة في يده لأنه يتصرف فيه بأمر مالكه لا على وجه البدل والوثيقة، وهو وكيل فيه لأنه يتصرف فيه بأمر مالكه .. وإذا خالف كان غاصبا لوجود التعدي منه على مال غيره . انتهـى .

وقال ابن قدامة في المغني: والشروط في المضاربة تنقسم قسمين: صحيح وفاسد، فالصحيح مثل أن يشترط على العامل أن لا يسافر بالمال أو أن يسافر به أو لا يتجر إلا في بلد بعينه أو نوع بعينه...

وفي مختصر الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى- يذكر ما يصح اشتراطه في المضاربة قال: ... واشتراطه أن لا ينزل واديا أو يمشي بليل أو ببحر أو يبتاع سلعة وضمن إن خالف...

قال الخرشي شارحا: أي وضمن العامل المال إن خالف واحدا مما ذكر أي وحصل التلف بسبب المخالفة، وأما لو خاطر وسلم ثم تلف المال بعد ذلك فلا ضمان عليه. اهـ.

وقد ذكرت أن صاحبك أخبرك بأنه يضارب في بيع كروت الشحن وهي أقل مخاطرة من المضاربة في البورصة وأديت إليه مالك بناء على ذلك، كما نصحت أصحابك بالدخول في المضاربة أيضا، وبالتالي فالمضارب ضامن لما خسر من رأس المال لتعديه بوضعه للمال فيما شأنه المخاطرة من غير أن يؤذن له في ذلك، وعليه أن يعيد رأس المال إليكم.

وأما أنت فلست ضامنا لأصحابك لأنك مجرد وكيل عنهم في إيصال المال لصاحبك، ولم تخدعهم ولا غررت بهم فلا وجه لتضمينك، فالضمان على المضارب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني