الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلق زوجته فطالبته برجعتها فأقسم ألا يفعل وأنها طالق طالق طالق

السؤال

حصلت مشاكل بيني و بين زوجتي انتهت إلى الطلاق، و بعدها بأيام قلائل عادت و اتصلت بي عن طريق الهاتف طالبة الرجوع، و لأنها كانت قد أغضبتني غضبا شديداً، طلبت منها أن لا تكلمني ولا تراسلني و لنترك الأمور لمشيئة الله، و لأنها قد تجاوزت كثيراً في الإساءة إليّ لفظياً ما كنت أطيق سماع صوتها، وكلما تتصل كنت أزجرها و أطلب منها عدم الاتصال مرة أخرى. و في المرة الأخيرة لاتصالها وكان قد زاد من غضبي رددت عليها بحدة و أقسمت لها بأني لن أرجعها و ذكرت لها بأنها : طالق ـ طالق ـ طالق.
سؤالي : هل ما ذكرته أخيراً يدخل ضمن الطلاق أي أنها مطلقة ثلاثة أم تؤخذ الطلقة الأولى فقط. علما بأني عندما ذكرت ذلك كانت نيتي هي الطلاق بنية عدم الرجوع إليها؟ و جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه أوَّلا على حرمة أذية الزوجة لزوجها وثبوت النهي عن ذلك والوعيد الشديد في شأنه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 122077.
وبخصوص الطلاق الثاني المكرر الذي تلفظت به فإما أن يكون بقصد الإخبار بما كان منك من طلاقها من قبل أو بقصد الإنشاء لطلاق جديد.
فإن كان الأول فلا يحسب عليك طلاق جديد، كما بينا في الفتوى رقم: 137472.
وإن قصدت به إنشاء الطلاق وكان بعد تمام عدتها فهو غير نافذ أيضا لوقوعه بعد انقطاع العصمة فلم يصادف محلا، وعدتها تنتهي بالطهر من الحيضة الثالثة بعد الطلاق أو وضع الحمل إن كانت
حاملا، أو مضي ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض، وفي هذه الحالة لا تحل لك إلا بعقد جديد إذا لم تكن الطلقة مكملة للثلاث.
وإن كان الطلاق قبل تمام عدتها فإنه يلحقها عند الجمهور وهو القول الراجح كما سبق في الفتوى رقم: 131291. وهنا ينظر في نيتك في قولك : طالق طالق طالق. فإن قصدت إنشاء الطلاق بالعبارة الأولى فقط وجعلت ما بعدها تأكيدا لها، أو لم تقصد شيئاً. لزمتك طلقة واحدة، وإن قصدت إنشاء الطلاق بالألفاظ الثلاثة لزمتك ثلاث طلقات عند جمهور أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق. وقال: أردت التوكيد. قبل منه، لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله عليه السلام: فنكاحها باطل باطل باطل. وإن قصد الإيقاع وكرر الطلقات، طلقت ثلاثاً. وإن لم ينو شيئاً لم يقع إلا واحدة، لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة فلا يكن متغايرات. انتهى.
وفي حال لزوم طلقة واحدة بهذه الألفاظ ولم تكن طلقتها من قبل إلا طلقة واحدة فلك مراجعتها قبل تمام عدتها ولا يمنع من ذلك كونك قد نويت عدم الرجوع إليها عند الطلقة الأولي أو الثانية، وراجع الفتوى رقم: 142803. وفي حال نية وقوع ثلاث طلقات فقد حرمت عليك عند الجمهور ولا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول.
ومذهب شيخ الإسلام ابن تيمية أن الطلاق الثاني لا يقع لكونه قبل رجعة أوتجديد عقد، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 129665.
والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني