الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب الفدية وعدمه في تأخير قضاء رمضان

السؤال

سؤالي هو: علي قضاء أيام من رمضان الماضي وهي 13 يوماً، تقريباً لكن لي عدة سنوات أقضي أياما رمضان الماضي قبل رمضان السنة الجديدة بشهر، أو شهرين، وهذه السنة أنا مريضة وأتعالج حالياً، وفترة علاجي تقريباً شهر أو قل بقليل، وبعدها ـ بإذن الله ـ سأذهب إلى الدكتور حتى يكشف علي وبفضل من الله ثم فضل العلاج تحسنت، والعلاج هو أقراص تُؤكل صباحاً ومساءً، ولا أستطيع أن أقطع حبوب الصباح خوفاً من أن أرجع وأتعـب، وتعبي أحياناً يكون نفسياً وأحياناً يغمى علي وأنا نائمة، فما رأيكم يا إخواني؟ وماذا أفعل حالياً وأنا لم أقض ماعلي؟ فهل علي كفارة أم ماذا بالضبط؟ هذا غير العذر الشرعي الذي بعد فترة قليلة ـ إن شاء الله ـ سوف يأتيني، أفيدوني جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دام المرض قد طرأ عليك قبل دخول رمضان بوقت يسع القضاء، أو أكثر ولم تتمكني منه فلست مفرطة بذلك، إذ تأخير القضاء إلى هذا الوقت كان جائزا لك، وقد صرح فقهاء المالكية بأن الفدية لا تلزم في هذه الحال، قال في الفواكه الدواني: وفهم من قوله فرط ـ أنه تمكن من القضاء في آخر شعبان بقدر ما عليه من الأيام، فلو أخر القضاء حتى بقي من شعبان قدر ما عليه من الأيام، فمرض، أو سافر، أو حاضت حتى دخل رمضان لم يلزم كفارة لعدم التفريط. انتهى.

وعليه، فلا شيء عليك ـ إن شاء الله ـ في تأخير القضاء، وإنما يلزمك قضاء ما عليك من أيام عند زوال عذرك ولو بعد رمضان التالي، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الفدية تلزمك لتمكنك من القضاء قبل طروء المرض، قال ابن حجر الهيتمي الشافعي في تحفة المحتاج: ومن أخر قضاء رمضان مَعَ إمْكَانِهِ بِأَنْ خَلَا عَنْ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ بَعْدَ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ لَزِمَهُ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ، لِأَنَّ سِتَّةً مِنْ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ أَفْتَوْا بِذَلِكَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ، أَمَّا إذَا لَمْ يَخْلُ كَذَلِكَ فَلَا فِدْيَةَ، لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ بِذَلِكَ جَائِزٌ، فَالْقَضَاءُ أَوْلَى. انتهى.

فلو احتطت وأخرجت الفدية إن كنت قادرة عليها لكان أحسن خروجا من الخلاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني