الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الحجاب الذى يوضع للحفظ من الحسد والسحر

السؤال

ما رأيكم في الحجاب الذى يوضع للحفظ من الحسد والسحر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه الأحجبة هي المعروفة بالتمائم، وتعليقها محرم واتخاذها للحفظ من العين أو السحر منكر عظيم يجب الحذر منه والنهي عنه، بل هذه التمائم من الشرك الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم ووردت في المنع منه نصوص كثيرة، فعن عمران بن حصين ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر، فقال: ما هذا؟ قال من الواهنة، فقال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا. رواه أحمد بسند قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: لا بأس به.

وفي الصحيح عن أبي بشير الأنصاري ـ رضي الله عنه: أنه كان مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في بعض أسفاره فأرسل رسولا أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت.

قال في فتح المجيد: قوله: والوتر ـ بفتحتين، واحد أوتار القوس ـ وكان أهل الجاهلية إذا اخلولق الوتر أبدلوه بغيره وقلدوا به الدواب، اعتقادا منهم أنه يدفع عن الدابة العين، قوله: أو قلادة إلا قطعت ـ معناه: أن الراوي شك هل قال شيخه: قلادة من وتر أو قال قلادة وأطلق ولم يقيده، قال البغوي في شرح السنة: تأول مالك أمره عليه الصلاة والسلام بقطع القلائد على أنه من أجل العين، وذلك أنهم كانوا يشدون تلك الأوتار والتمائم ويعلقون عليها العوذ، يظنون أنها تعصمهم من الآفات، فنهاهم النبي صلي الله عليه وسلم عنها وأعلمهم أنها لا ترد من أمر الله شيئا، قال أبو عبيد: كانوا يقلدون الإبل الأوتار، لئلا تصيبها العين، فأمرهم النبي صلي الله عليه وسلم بإزالتها إعلاما لهم بأن الأوتار لا ترد شيئا، وكذا قال ابن الجوزي وغيره، قال الحافظ: ويؤيده حديث عقبة بن عامر، رفعه: من تعلق تميمة فلا أتم الله له ـ رواه أبو داود، وهي ما علق من القلائد خشية العين ونحو ذلك. انتهى.

وعن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. رواه أحمد وأبو داود.

وفي الباب غير هذا من النصوص، قال العلامة ابن باز رحمه الله: لا يجوز تعليق التمائم، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: من تعلق تميمة فلا أتم الله له ـ وفي رواية أخرى: من تعلق تميمة فقد أشرك ـ والتمائم هي التي يسميها بعض الناس حرزا، ويسميها بعضهم حجابا، ويسميها بعضهم جامعة، وهي محرمة مطلقا. انتهى.

لكن إذا كانت التميمة من القرآن أو الأذكار ونحوها ففي جواز تعليقها خلاف والأحوط اجتنابها بكل حال، قال العلامة ابن باز ـ رحمه الله: أما التميمة من غير القرآن كالعظام والطلاسم والودع وشعر الذئب وما أشبه ذلك فهذه منكرة محرمة بالنص، لا يجوز تعليقها، لقوله صلى الله عليه وسلم: من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له ـ وفي رواية: من تعلق تميمة فقد أشرك ـ أما إذا كانت من القرآن أو من دعوات معروفة طيبة، فهذه اختلف فيها العلماء، فقال بعضهم: يجوز تعليقها، ويروى هذا عن جماعة من السلف جعلوها كالقراءة على المريض، والقول الثاني: أنها لا تجوز وهذا هو المعروف عن عبد الله بن مسعود وحذيفة ـ رضي الله عنهما ـ وجماعة من السلف والخلف قالوا: لا يجوز تعليقها ولو كانت من القرآن سدا للذريعة وحسما لمادة الشرك وعملا بالعموم، لأن الأحاديث المانعة من التمائم أحاديث عامة، لم تستثن شيئا والواجب: الأخذ بالعموم فلا يجوز شيء من التمائم أصلا، لأن ذلك يفضي إلى تعليق غيرها والتباس الأمر. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني