السؤال
عندنا في مصر استضافوا رجلا في كثير من البرامج يدعي أنه يملك قدرات خاصة، وأن ما يفعله ليس سحرا، ويلبس على الناس من خلال ذكره لله تعالى أثناء قيامه بهذه الأفعال، فمن أفعاله مثلا: أعطوه كوبا من الماء الساخن وملعقة فأخذ يقلب الماء بالملعقة فتحول إلى شاي ثم ينسون ثم ماء مرة أخرى وهكذا! أجلس شخصا سمينا على كرسي ثم حمله بأسنانه فقط دون أن يستعمل يديه! ثنى عملة معدنية بجفونه! يقول للشخص اختر رقما من 1 إلى 9 فلما اختار قال له: قل لي الرقم، فقال له الرقم، قال له أنت عندك مرض القلب وعلاجه أن تقول قبل الصلاة وبعدها يا كريم ونحوه ويدعي أنه عالج كثيرا من الناس بهذه الطريقة! هناك كثير من الحلقات على اليوتيوب مسجلة لهذا الشخص اسمه حسني معوض يمكنكم رؤيته بأنفسكم لتحكموا عليه، وسؤالي بالتحديد: هل هذا الشخص خارق للعادات وعنده قدرات خاصة فعلا؟ أم هو ساحر؟ وكيف نوضح للناس الفرق بين من عنده قدرات خاصة والساحر؟ وكيف نرد على أنه يذكر الله؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يرتاب من له مسكة من عقل في أن هذا الرجل بالوصف المذكور دجال مشعوذ ، ولا يتصور في قوانين الأسباب الطبيعية التي أجرى الله عليها ناموس الحياة أن يكون لأحد من البشر قدرة خاصة يحول بها الماء إلى سائل آخر أو يفعل بها شيئا من خوارق العادات المذكورة، فلم يبق إلا أن تكون هذه الخوارق للعادة من باب الخوارق الشيطانية، وذلك لاستحالة أن تكون كرامات رحمانية مما يكرم الله بها أولياءه، فإن كرامات الأولياء إنما تكون رحمة للخلق ونصرة للحق، وصاحبها يكون معروفا بالاستقامة على الشرع وحفظ حدوده، وأما من خرقت له العادة وليس على هذا الوصف فليس فعله من باب الكرامة ولا كرامة، وقد ذكر ابن كثير في تفسيره عن الليث بن سعد والشافعي ـ رحمهما الله ـ قولهما: إذا رأيتم الرجل يطير في الهواء ويمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة. اهـ
وراجع كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فإنه مهم جدا في بابه، وبه يتبين لك الفرق بين النوعين من الخوارق، وأما دعوى القدرات الخاصة فمما يلبس به على الأغرار من ضعفاء العقول، وأما ما يكون من بعض ذكر لله تعالى فهو من هذا الجنس فهو لبس للحق بالباطل وإظهار للباطل في صورة الحق ليروج على الناس، فإن عادة الناس جرت أن يقبلوا الباطل الكثير إذا كان مخلوطا بشيء من الحق ولو قليلا، كما أن الجني مسترق السمع يسمع الكلمة من أمر السماء فيلقيها في أذن وليه، فيضيف إليها الكاهن مائة كذبة فيصدقه الناس في كل ما يقول، لأنه أتى بشيء من الحق فقال إنه سيحدث كذا في يوم كذا، قال في فتح المجيد: قال المصنف: وفيه قبول النفوس للباطل كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمائة كذبة؟ وفيه: أن الشيء إذا كان فيه شيء من الحق فلا يدل على أنه حق كله، فكثيرا ما يلبس أهل الضلال الحق بالباطل ليكون أقبل لباطلهم، قال تعالى: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. انتهى.
فالواجب على المسلمين أن لا يغتروا بمثل هذا وأن يحذروه ويحذروا منه وأن يلزموا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم علما وعملا.
والله أعلم.