السؤال
أرجو سعة صدركم لسؤالي وما فيه !
أولا: أريد التأكيد أنني على علم بحرمة الربا ولا أريد منكم تحليله لا سمح الله, فإن تحريمه هو قول الحق تبارك وتعالى.
أما بعد, فلقد اطلعت على الكثير من فتاواكم بصدد العمل والتعامل مع البنوك الربوية وتحريمها, وحثكم على العمل في أو التعامل مع البنوك الإسلامية. فماذا عن البلدان التي ليس فيها بنوك إسلامية, وفيها جميع المعاملات تقريبا يجب أن تتم عن طريق البنك لكي يثبت كل فرد مصدر أمواله, دخله ومصارفه (طبعا هذا لمن يجب أن يقدم تقارير لسلطة الضرائب). ليس هذا فقط, بل كل مؤسسات الدولة وبخاصة العامة منها تتعامل في الربا, وللمثال لا الحصر فواتير كهرباء, مياه, هاتف, ضرائب على أنواعها, كلها فيها بند يسمى ربا (ليس فائدة وليس فقط لمن تأخر في الدفع), لا بل بموضوع الضرائب, أحيانا من يثبت أنه مدين يمكنه الحصول على تخفيضات في الضرائب. كذالك كل ما يخص صناديق التقاعد فهي تعتمد على الكسب من الربا.
هناك بديلان للبنوك الربوية, أما الأول فهو بنك البريد, فهو من ناحية لا يقرض أموالا ولهذا لا يأخذ الربا، ويمكن المواطن من دفع الكثير من الفواتير حتى من دون عمولة, ويمكن من ادخار الأموال ولكن مع ذالك فهو لا ينجز كل المعاملات البنكية, ولكي يضاعف أرباحه هو نفسه يدخر أموالا في بنوك ربوية.
أما البديل الآخر فهو ما يسمى بالسوق السوداء والتي يسيطر عليها عالم الإجرام, وهذه كلها مساوئ, فمقارنة بالبنك الربوي, النسبة الربوية عالية, حيث إن النسبة الربوية في البنك تتراوح بين 5% إلى 10% سنويا، وفي السوق السوداء 10% شهريا. أضف إلى ذلك في السوق السوداء من لا يستطيع دفع الدين يمكن أن يكلفه الأمر حياته أو بيته أو حتى والعياذ بالله تزويج بنته بالقوة (وهذا حصل), أما البنك الربوي فهذا لا يحدث، فحسب القانون لا يمكن الحجز على البيت إذا كان للمدين بيت واحد, وعلى الأغلب ما يمكن فعله الحجز على سيارة أو حساب البنك, وما شابه, وفي حالة عدم وجود مصدر للدفع يعفو البنك ولكن لا يمكنه من فتح حساب جديد. القانون يمنع حبس من لا يستطع دفع دينه ما عدا إذا كان الدين عبارة عن نفقة امرأة مطلقة وأطفالها. وهنا تجب الإشارة إلى أنه عادة من يلجأ للسوق السوداء هم من لا يستطيعون اللجوء للبنك.
بالنسبة للعمل في هذه البنوك, أغلب العاملين فيها عندنا هم مصلون وبعضهم حجاج. وهنا يأتي السؤال: حتى لو استقال بعض هؤلاء, هل ستغلق هذه البنوك؟ الجواب للأسف لا, لأنه في هذه الحالة سيكون هناك من هو مستعد لملء الفراغ. وحتى إن لم يكن مسلما, ففي هذه البلاد يوجد نصارى, دروز ويهود وكلهم يعملون في هذه البنوك بدون أي مشكلة, فنحن عرب 48 أو عرب إسرائيل ويصل عدد المسلمين منهم زهاء مليون ونصف المليون نسمة. وهنا أقول أيضا المجتمع لدينا أصبح انفراديا, بمعنى أن الفرد حتى لا يريد أن يعرف أخوه ماذا يملك, ما له وما عليه ومن هنا يصعب على الفرد طلب المساعدة من أخيه.
أسهبت في الشرح وذلك لأهمية الموضوع, أهمية أن تكون لكم صوره كاملة عن الوضع الذي نعيشه, وثقتي في فتواكم, لأنه في السابق رأيتم أباح العمل والتعامل مع البنوك الربوية من باب عموم البلاء, وهذا حالنا في رأيي, ولكن رأيت في فتواكم أنكم تبيحون ذلك عند الضرورة القصوى مثل أن لا يجد المرء ما يأكل, ولكن ما رأيكم في من يعمل لديه 30 عاملا ونتيجة للتأخير في تحصيل أمواله لا يستطيع دفع أجور العمال إلا إذا اقترض من البنك, ومن يعمل في البنك ويعلم أنه إذا ترك العمل مسلم فآخر سيحل محله, ولماذا كمجتمع نرضى أن يعمل لدينا من ليس منا.
سؤال آخر: نتيجة لذلك متى يكون إثم العمل على صاحب العمل وليس على الموظف فاعله كمثل من يعمل في البنك الربوي؟
إخواني أرجو أن يطلع على سؤالي هذا أكثر من عالم, ولكم جزيل ألشكر!