السؤال
السؤال الأول: هل يجوز الحلف بالكذب لزوجتي لرضاها ولتجنب المشاكل معها علما بأنها كثيرة الوساوس والشكوك, ولاتصدقني حتى أحلف لها وأنا ولله الحمد لا أعمل شيئا يغضب الله؟.
السؤال الثاني: إذا كنا أفطرنا في رمضان في يوم 29 لبيان من الدولة ثم تبين بعد ذلك بيوم أن رمضان كان 30 فما هو حكمنا؟ وماذا علينا فعله؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا أنه يباح للزوج أن يكذب على زوجته للمحافظة على رباط الزوجية وحسن العشرة بشرط أن لا يترتب على ذلك تضييع حق، وأما الحلف على الكذب الصريح فهو محرم، ومن اضطر لذلك ولم يكن هناك سبيل لتفادي ما يؤدي للمشاكل الزوجية دون أن يحلف تأكيدا على ما يقوله فالذي يظهر، أنه إن أمكنه استخدام التورية والمعاريض مثل أن يقول والله ما فعلته يقصد أمرا آخر غير الأمر الذي يجري الحديث فيه فله أن يحلف على ذلك، لأنه ليس بكذب محض، وإنما جاء بكلام هو في نفسه صدق لكون الكلام يحتمله لا سيما إذا نوى أنه يقصد بيمينه ما يحتمله الكلام مما ليس كذبا، لأن مبنى اليمين على النية كما قال الفقهاء، فإن في ذلك مندوحة عن الحلف على الكذب الصريح، ونرجو أن لا يكون في ذلك إثم ما دامت النية الإصلاح لأجل الإبقاء على العلاقة الزوجية فقد أباح العلماء الكذب إذا تعين طريقا لتحصيل مصلحة معتبرة، ففي دقائق أولي النهى: ويباح الكذب لإصلاح بين الناس ومحارب ولزوجة فقط. وقال ابن الجوزي: وكل مقصود محمود لا يتوصل إليه إلا به.
وقال النووي: اعلم أن الكذب وإن كان أصله محرما فيجوز في بعض الأحوال بشروط قد أوضحتها في كتاب الأذكار ومختصر ذلك أن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحا كان الكذب مباحاً، وإن كان واجباً كان الكذب واجباً. إلى آخر كلامه.
فهذا يفيد بأن الكذب يباح إذا كان لجلب مصلحة معتبرة شرعا، وتعين وسيلة لجلبها، أو دفع مفسدة لا يمكن دفعها إلا به، وتعين وسيلة لدفعها، ولكن الأفضل للمرء أن يستعمل التورية إذا كان يريد إخفاء الحقيقة، فقد صح عن عمر وعمران بن حصين أنهما قالا: في المعاريض مندوحة عن الكذب. رواه البخاري في الأدب، وصححه الألباني.
وفي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام: فإن المعاريض عند الحاجة والتأويل في الكلام، وفي الحلف للمظلوم بأن ينوي بكلامه ما يحتمله اللفظ، وهو خلاف الظاهر، كما فعل الخليل صلى الله عليه وسلم، وكما فعل الصحابي الذي حلف أنه أخوه وعنى أنه أخوه في الدين، وكما قال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم للكافر الذي سأله ممن أنت؟ فقال: نحن من ماء ـ إلى غير ذلك، أمر جائز. انتهى.
أما عن السؤال الثاني: فإذا ثبت في البلد الذي صمتم فيه أو فيما جاوره من البلاد التي تتحد معه في المطلع أن رمضان كان ثلاثين يوما وكنتم أفطرتم في اليوم التاسع والعشرين، فمعنى ذلك أنه بقي عليكم يومان من رمضان فيجب قضاء ما يكمل به رمضان حسب الرؤية الثابتة، مع التنبيه على أن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين يوما، كما هو معلوم وانظر الفتويين: 5445، 40647.
والله أعلم.