الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استخدم النت دون إذن مُدَرِّسِهِ فزادت قيمة الفاتورة فكيف تبرأ ذمته

السؤال

أنا طالب في المدرسة، وقد حدث منذ عامين تقريباً الآتي:
كنا في مختبر الحاسوب، يُسمح لنا بتصفح الإنترنت والتحميل في حصة الحاسوب، وكنت طالباً مميزاً، مما جعل الأستاذ يعطيني بعض الخصوصيات، كأن يسمح لي بدخول المختبر في الفسحة والحصص الإضافية، فكنت أستخدمه في تحميل الألعاب، وقد كنت أعلم أن الإنترنت من نوع ـ دي إس إل ـ الذي يدفع له مبلغ ثابت مع حرية الاستخدام ليل نهار طوال الشهر، وقد سول لي الشيطان أن أستخدمه في البيت، فبما أن الأستاذ لا يمنعني من التحميل، إذاً لا حرج أن أستخدمه في المنزل، وبدلاً من استخدامه ساعة أو أقل في المدرسة، يمكنني استخدامه في المنزل طوال اليوم، وهذا لأنني أعلم أن استخدامي للإنترنت الخاص بالمدرسة لن يزيد المبلغ المطلوب للدفع وبالفعل استخدمته فترة من الزمن لا تزيد عن شهر ولم يعلم أحد بما فعلته إلا الله، ولكن لما كان آخر يوم في الامتحانات، كلمني الأستاذ بحكم خبرتي في الحاسوب وأخبرني بأن فاتورة الإنترنت جاءت بمبلغ كبير، فسألته كيف ذلك وهو من نوع دي إس إل؟ فأفهمني أن الإنترنت من نوع معين، يسمح لك بتحميل قدر معين، ثم يحاسبك على كل تحميل إضافي، ثم أضاف أن أحدهم استخدمه في التحميل، لدرجة أنهم قد اتهموا بعض المدرسين فسألني إن كان لي علاقة بالأمر، وفي الحقيقة كانت صدمة عنيفة وارتجفت حينها من الخوف، لأنني لم أكن أدري ولم أقصد ولم أتعمد ذلك ولكنني حاولت بناء تصور سريع عن المبلغ الذي أخبرني به فكان كبيراً يفوق تصوري مما دفعني إلى استبعاد أن أكون أنا السبب، فحاولت التهرب من الإجابة بالتورية دون الكذب وانتهى الأمر على ذلك بيني وبين الأستاذ وأظن أن التكاليف تدفع من ميزانية المدرسة التي تخصصها الوزارة ـ هذا ما أظنه ـ وقد تناسيت الموضوع لفترة حيث إن المبلغ ضخم بالنسبة إلى ما قمت بتحميله، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها هذا مما جعلني أبدأ في التأكد من أنني المتسبب فيما حصل، وإلى الآن أشعر بتأنيب الضمير والله وحده يعلم أني ما قصدت شيئاً ولكني خفت فقط أن أكلف والدي ما لا ذنب لهما به، وأخبرت أمي بما حدث أنني كنت أحمل أنا وزملائي بشكل عادي دون أن يعاتبنا الأستاذ، ولم أخبرها بتفاصيل أني استخدمته في البيت ولكني أخبرتها أني المتسبب فيما حصل بأني كنت أحمل في المدرسة وقد كنت فعلاً أحمل في المدرسة بادئ الأمر فغضبت وقالت لي بعد عتاب طويل: ليس من شأننا فهو المخطئ لأنه لم يخبركم بأن الإنترنت محدود الاستخدام وكان عليه أن ينبهكم لكيلا يتمادى أحدكم في التحميل، وما فكرت به إلى الآن هو أنني سأنتظر حتى أكبر وأملك المال بنفسي وأحاول أن أرده إلى المدرسة، حيث إنني قد تركت الدولة التي كانت أمي تعمل فيها وعدت إلى بلدي ولا سبيل لنا إلى العودة إلى هناك، وإلا فإني سأخرجه في سبيل الله قضاءً للدين وقد أشهدت الله على ذلك، وبدأت أدعوه تعالى كثيراً أن يعينني على قضائه وأن يمد في عمري إلى أن أقضيه، ولكني أخاف أن ينقضي أجلي قبل قضاء الدين، فلا يزال أمامي 6 أو 8 سنوات ـ أنا في الصف الثالث الثانوي ـ وقد أرسلت رسالة لصديق هناك وسألته عن أستاذ الحاسوب وطلبت منه أن يوصله سلامي ويعطيني بريده الإلكتروني وقد نويت أن أخبره، ولكني ارتأيت أن أسأل عن حكم الشرع أولاً قبل أن أصارحه بما حدث، وقد أخبرني بأنه سيفعل إن استطاع، فهم الآن في إجازة، ولا يدري هل سيكون الأستاذ معهم العام القادم أم لا، وللأسف لم أعد أذكر كم المبلغ الذي حدثني به الأستاذ، فهل أحاول أن أقدره ويعفو الله إن كان أكثر من ذلك؟ أم ماذا علي أن أفعل؟ وأعتذر منكم على الإطالة، ولكني ذكرت لكم كل ما أذكره من تفاصيل لتخبروني عن كل خطأ وقعت به وعن طريقة التوبة منه وأسأل الله أن يغفر لي ما قدمته يداي بغير قصد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يعيننا وإياك على أداء الأمانات، ولتعلم أن استعمالك للنت بإذن المسئول عنه لا حرج فيه إذا كان مخولا لذلك، أما استعماله بدون إذن فإنه لا يجوز ولو كانت تكلفته ثابتة وأحرى إذا كانت تزيد حسب الاستخدام، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: في الصحيحين: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام.

وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح.

ولذلك، فإن عليك أن تقدر مقابل استخدامك بالتعدي، ويبقى في ذمتك حتى تؤديه في الوقت الذي تستطيع، ولا تبرأ ذمتك إلا بذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأصحاب السنن.

إلا إذا تنازل عنه من يحق له التنازل ممن هو مخول بذلك من المسئولين، ولا يجوز لك أن تخرجه في سبيل الله تعالى وأنت تستطيع إيصاله إلى أهله، وفي حالة عدم استطاعة توصيله إلى أهله وحصل اليأس من ذلك فاصرفه في وجوه الخير ومنافع المسلمين العامة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني