الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العدل بين الزوجات في القسم وكيف يقسم للمقيمة في بلد آخر

السؤال

ياشيخ أرجو الرد علي فأنا في حالة لا يعلمها إلا الله فأنا الزوجة الثانية، وزوجة زوجي الأولى نقلت إلى أهلها، وعمل زوجي في أبها وأهلنا في مكة وعندما نأخذ الإجازة يقول زوجي إنها شهر و هي من حقهم، لأنني عنده في أبها فأصبح لا يأتينا إلا لغرض السوق أو المستشفى ولا يبيت عندي، بل كل ليالي الشهر لها، علما بأنه في أيام عمله يأتيهم كل شهر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته فيقيم مع كل زوجة قدر ما يقيم مع الأخرى ولا يجوز له أن يقيم مع زوجة أكثر من الأخرى بغير رضاها ـ سواء كانت الزوجات في بلد واحد أو بلاد مختلفة ـ إلا أن تسقط إحداهن حقها في القسم وانظري في ذلك الفتوى رقم: 132849.

وعليه، فالواجب على زوجك أن يعدل بينك وبين زوجته الأولى في المبيت إلا أن ترضى إحداكما بإسقاط بعض حقها في القسم للأخرى، لكن إن كانت الزوجة الأولى قد تركت البلد الذي يقيم فيه زوجها بغير إذنه فهي ناشز يسقط حقها من القسم، وفي هذه الحال يجب على زوجك أن يعدل بينكما في شهر الإجازة، لأن حق الأولى قد سقط بامتناعها من الإقامة معه، وانظري الفتوى رقم: 140540.

والعدل الواجب على الزوج في القسم أن يبيت عند كل زوجة ليلة أو ليلتين أو ثلاث، ولا يجوز له أن يبيت عند زوجة أكثر من ثلاث ليال بغير رضا الزوجة الأخرى، قال ابن قدامة: يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ لَيْلَةً لَيْلَةً، فَإِنْ أَحَبَّ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُنَّ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ أَنْ يَقْسِمَ لَيْلَتَيْنِ لَيْلَتَيْنِ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِرِضَاهُنَّ، وَالْأَوْلَى مَعَ هَذَا لَيْلَةٌ وَلَيْلَةٌ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لَعَهْدِهِنَّ بِهِ، وَتَجُوزُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهَا فِي حَدِّ الْقِلَّةِ، فَهِيَ كَاللَّيْلَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا قَسَمَ لَيْلَةً وَلَيْلَةً، وَلِأَنَّ التَّسْوِيَةَ وَاجِبَةٌ، وَإِنَّمَا جَوَّزَ بِالْبِدَايَةِ بِوَاحِدَةٍ، لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ، فَإِذَا بَاتَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ لَيْلَةً، تَعَيَّنَتْ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ حَقًّا لِلْأُخْرَى، فَلَمْ يَجُزْ جَعْلُهَا لِلْأُولَى بِغَيْرِ رِضَاهَا.

لكن إذا كانت الزوجات في بلاد متباعدة فلا حرج على الزوج أن يقسم شهرا شهرا أو نحو ذلك، قال ابن قدامة: فإن كان امرأتاه في بلدين فعليه العدل بينهما، لأنه اختار المباعدة بينهما فلا يسقط حقهما عنه بذلك، فإما أن يمضي إلى الغائبة في أيامها وإما أن يقدمها إليه ويجمع بينهما في بلد واحد، فإن امتنعت من القدوم مع الإمكان سقط حقها لنشوزها وإن أحب القسم بينهما في بلديهما لم يمكن أن يقسم ليلة وليلة فيجعل المدة بحسب ما يمكن كشهر وشهر وأكثر أو أقل على حسب ما يمكنه وعلى حسب تقارب البلدين وتباعدهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني