الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة أسرية.. تدابير وحلول

السؤال

أنا طالبة متزوجة برجل مثقف أحبه كثيرا والحمد لله، أكرس وقتي كله لدراستي وزوجي، زوجي خجول جدا وأنا كذلك مما يسبب لنا الكثير من المتاعب، لدينا منزل منحه أبو زوجي له قبل وفاته ـ رحمه الله ـ وهو قريب جدا من بيت أهل زوجي، وأم زوجي امرأة متكبرة جدا ومغرورة ولا ترضى أبدا كما أنها جريئة جدا، توبخ زوجي أمامي باستمرار وتسيء الظن كثيرا كما تشكوني له، ويزعجها كثيرا تركيزي في دراستي ورفضي مرافقتها وبناتها إلى الحفلات، وهي لا تفوت صغيرة ولا كبيرة لإظهار غيرتها أو انزعاجها من تصرفاتنا، كلما أكرمتها لوجه الله تمردت علي، تعتبر بيتنا بيتها ـ وهو ملك لزوجها المرحوم ـ تقول ذلك لي باستمرار وهذا يزعجني كثيرا، تأتي في كل وقت وبناتها حتى في وقت القيلولة وفي الليل، يفتشن الثلاجة دون إذن، والخزانات، ويستحممن، ويأكلن ويشربن، كأني غير موجودة، وحين تكون غاضبة تأتي وتدق الجرس بشدة وتفزعني، أصبحت قبل فتح الباب أبدأ بالدعاء لأخفف من خوفي، لا أطيق قدومهن في كل وقت ويزعجني سوء أخلاقهن ومع ذلك أصبر وأبتسم وأتغاضى، المهم أن أتفادى مشاكلهن وأنا التي لا أملك الوقت للنزاعات، لكني ألاحظ تمادي أم زوجي.
1ـ كيف أتعامل مع أم زوجي المتسلطة والمادية علما أنها تطالب زوجي بالمال رغم أنها ميسورة الحال، تصرف الأموال في تجديد أثاث منزلها الفاخر بما يواكب العصر وشراء أغلى الأثواب؟ ونحن نعيش في بساطة مطلقة حيث إن راتب زوجي متواضع.
2ـ ما هي آداب الزيارة التي يجب أن تتحلى بها أم زوجي وأخواته وما يجب أن أفعل حيال دقها للجرس الحاد؟.
3ـ كيف أتعامل مع أهل زوجي وقدومهم المتكرر وأنا التي أحتاج للهدوء من أجل إكمال دراستي؟.
4ـ ما هي واجبات زوجي حيالي حين تتمادى أمه في إزعاجي وإهانتي، أجد أنه يتغاضى عن كل شيء برا بوالدته وهذا يؤلمني كثيرا وفي أغلب الأحيان أحس أنه لا يشعر بمعاناتي أو أنه يفضل الرضوخ لأمه؟.
5ـ بمرور الوقت أصبحنا ـ أنا وزوجي ـ لا نخرج معا، لأن ذلك سبب لنا المتاعب فأمه تراقب تحركاتنا وتغضب كل الغضب إذا لم ترافقنا في نزهاتنا، فهل من الإثم أن أرغب في قضاء أوقات مع زوجي وحدنا ونحن متزوجان حديثا؟.
6ـ ما حكم أن أدعو على أم زوجي هذه الأدعية: اللهم اكفينها بما شئت, حسبي الله و نعم الوكيل, الهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزمها وزلزلها؟.
7ـ هل من الذنب إذا فكرت في الابتعاد مع زوجي إلى مدينة أخرى؟ لأنني أجد أن أخلاقي بعيدة جدا عن أخلاق عائلة زوجي ولا أريد أن أتغير مع الوقت فأصبح جريئة أو قليلة حياء، كما أريد تربية أبنائي إذا رزقني الله بعيدا عنهم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيحسن بنا أن نجيب على أسئلتك في نقاط يتبين منها المطلوب:

أولا: ننصحك بالصبر على أم زوجك ومقابلة إساءتها بالإحسان، فهذا أدعى لأن تزداد به الألفة بينك وبين زوجك وأن تأمني به الوقيعة بينك وبين أم زوجك، قال تعالى: ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم { فصلت:34}.

وراجعي في فضل الصبر الفتوى رقم: 18103.

ثانيا: إذا قام زوجك بما يجب عليه تجاهك من النفقة فلا دخل لك فيما يعطيه لأمه من عطية برا بها، وإن كان ما تطلبه من مال فيه إجحاف به وضرر عليه فلا يلزمه إجابة طلبها، ولا سيما إن كانت تأخذه من أجل الإسراف، ولكن عليه مداراتها ليتقي غضبها، وانظري الفتوى رقم: 38993.

ثالثا: آداب الزيارة كثيرة ومن أهمها اختيار الوقت المناسب للزيارة، وعدم تكرارها على وجه يزعج المزور، روى الطبراني عن عبد الله ابن عمرو ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: زر غبا تزدد حبا. وهو حديث صحيح لغيره كما قال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب. ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 110085.

رابعا: أكثري من دعاء الله تعالى أن يكف عنك شر أم زوجك وبناتها، واستعيني بزوجك فيما يستطيع من كف أذاهن عنك، وينبغي له أن يجتهد في دفع أذى أمه على وجه لا يترتب عليه عقوقه بأمه، وأما بالنسبة للجرس فيمكنكم اتخاذ وسيلة يمكن من خلالها التحكم فيه بإغلاقه، أو استخدام نوع من الأجراس لا يكون صوته مزعجا.

خامسا: لا حرج عليك في رغبتك في قضاء أوقات مع زوجك من غير أن يكون معكما ثالث سواء في النزهة أو غيرها، وينبغي لزوجك أن يتحرى الحكمة بحيث يختار الوقت المناسب الذي يخرج فيه معك من غير أن تعلم أمه بذلك.

سادسا: يجوز لك الدعاء بمثل هذه الأدعية التي فيها سؤال الله تعالى أن يكف عنكم شرها، وأما الدعاء بأن يزلزلها الله ونحو ذلك فلا ينبغي، ونخشى أن تكوني قد تجاوزت به حدك، فقد ذكر أهل العلم أن من آداب دعوة المظلوم على من ظلمه أن لا يتجاوز فيه قدر مظلمته، وراجعي الفتوى رقم: 140869.

والعفو أفضل وفيه خير كثير وأجر عظيم، وراجعي فيه الفتوى رقم: 27841، وهي في فضل العفو.

سابعا: فيما يتعلق بالبيت الذي ذكرت أن أبا زوجك منحه لزوجك قبل موته إن كان لمسوغ شرعي أو كان ذلك برضى بقية أولاده فلا حرج في ذلك، وإلا كان داخلا في التركة يقسم على الورثة، لأنه لا يجوز للأب أن يخص أحد أولاده بعطية دون الآخرين إلا بإذنهم، وهذا هو الراجح، وفي المسألة خلاف سبق بيانه بالفتوى رقم: 1242.

وإن حدث نزاع فالقول الفصل للقاضي الشرعي فليرفع الأمر إلى المحكمة الشرعية.

ثامنا: لا حرج عليكم في الانتقال للعيش في مدينة أخرى إن رغب زوجك في ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني