الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزوج بناء على وعد أبيه بإعطائه شقة للسكنى فهل يلزمه الوفاء بوعده

السؤال

أفيدونا جزاكم الله خيرا. تزوجت منذ 6 سنوات، وكان من اتفاقيات الزواج بما أننا سنسافر فور زواجنا للخارج فإن والدي سيوفر لنا إحدى شقتين يملكهم حسب أيهم ينتهي بناؤه أسرع أو عند احتياجنا، وإن لم نرض بأيهم فلنا اختيارما نريد. وهذا ما اتفق عليه مع أهل زوجتي.
الآن أصبح لدي 3 أطفال، وكلما أردت الذهاب لبلدي الأم في إجازة أشعر بتوتر شديد بسبب عدم توافر المسكن المستقر . وخصوصا أن كل ما نملكه الآن في صناديق منها عند والدي، وما عند حماتي إلى ماعند عم زوجتي.
بعد 3 أعوام من زواجنا فوجئنا بأن والدي قرر أخد إحدى الشقق لنفسه وتجهيزها بدون الرجوع إلي أو إلى أهل زوجتي الذين وعدوهم بها. وقررنا أنه إذا احتاج لها أبواي فلا مانع لدينا،خصوصا أنهما تعللا أنهما مضطران للعيش بها بسبب وهن ركب والدي وحاجته لمصعد كهربائي.
الآن مضى على هذا الحال 3 سنوات أخرى ولم ينتقلا لها وهما الآن سيسافران للخارج لمدة لا تقل عن 5 أعوام ولن يستخدما تلك الشقة الأولى . و الآن أيضا لا يخبراني بأي شيء عن أحوال الشقة الأخرى. بل وأخبرني والدي أنه يوصي بالشقة المذكورة أولا لأختي الوحيدة بعد موته. وعندما نوقش معهما الكلام في أمور هذه الشقق .. قالا إن هذه الشقق من مالهم ولهم أن يتصرفا بها كيف يشاءان .نعم هي من مالهم لكن كان وعدهم صريحا وأعادوه أكثر من مرة أن كلتا الشقتين لي وأختار منهما ما أريد، وإذا لم تعجبني أو زوجتي فلنا أن نختار ما نحب . لأنه والحمد لله ميسور ماديا وأنا بطبيعتي لا أحب أن أثقل عليه. وعلى هذا الأساس قبلت زوجتي بالزواج ثقة في كلام أبي وعدم عدوله عنه. والحقيقه هي الآن غير مسامحة فيما يحدث، خصوصا وأنه أصبح علينا ذل السؤال فيما وعدنا به، وأصبح لا يرد علينا غير بالإنكار .
هل من حقهم الرجوع في وعود وعدوها واتفاقيات بني عليها زواج؟
هل هذه في حكم الهبة من والدي لي وهي ليست من حقي لأني لم أقبضها أم أنها وعد ألزم نفسه به في زواج قام بناء على وعده ؟؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولا أن هبة الوالد لأحد أولاده دون الآخرين لا تجوز، فالتسوية بين الأولاد في الهبة واجبة على الراجح من أقوال الفقهاء كما بينا بالفتوى رقم: 21597 . ومن أهل العلم من ذهب إلى جواز التفضيل لوجود مسوغ، ولكن على فرض وجود هذا المسوغ فإن الحاجة تندفع بهبة المنفعة وهي السكنى دون تمليك العقار.

قال الشيخ ابن عثيمين: إذا كان أحد الأبناء يحتاج إلى سيارة والآخرون لا يحتاجون، فإننا لا نعطي المحتاج سيارة باسمه، ولكن تكون السيارة باسم الأب، وهذا يدفع حاجته بانتفاعه بها، وإذا مات الأب ترجع في التركة. اهـ.

وأما بالنسبة للوعد، فقد اختلف الفقهاء في حكم الوفاء به، وسبق ذكر أقوالهم في ذلك بالفتوى رقم : 12729 وقد ملنا فيها إلى ترجيح مذهب المالكية وجماعة من أهل العلم وهو أن الوعد الذي يترتب عليه دخول الموعود في كلفة يلزم الوفاء به إلا لعذر.

وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: الوعد: وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد يكون ملزما للواعد ديانة إلا لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلقا على سبب، ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد، ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيد الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلا بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر.اهـ.

ولا بأس بأن تحاول إقناع أبيك وأن تتوسط إليه بأهل الفضل والخير ممن ترجو إقناعهم له ليمكنك من السكنى في إحدى الشقتين من غير تمليك، فإن تم ذلك فالحمد لله وإلا فاستغن بالله، واسع في سبيل أن تتمكن من شراء بيت أو استئجاره إن لم تقدر على الشراء. واحرص على البر بوالديك على كل حال، فلا تقصر في حقهما وإن قصرا في حقك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني