السؤال
سؤلي هو أن أبي قد اقترض مبلغا من المال من البنك لبناء منزل وليس لدينا من يعيننا، وبعد فترة فتح الله علي وجمعت بعض المال من أجل بناء مستقبلي والزواج.ولكن قمت بالتسديد عن والدي المبلغ المتبقي من أجل إنقاذ والدي من عذاب الله.
مع العلم أن أبي لم يكن يعلم أنها ربا.
فقد قال أحد الدعاة إن الله سينزل العذاب على من قام بهذا العمل-الربا-وقد قرأتها في أواخر سورة البقرة، وقد قال لله إنه يتوب على عباده الذين قاموا بهذا العمل ثم رجعوا إلى الله، مع العلم أن أبي قد أصيب بمرض فخفت أن يكون عذابا من الله فأسرعت بهذا العمل. وبعد أيام معدوادات قال الأطباء إنك محتاج لإجراء عملية جراحية، ولكن المصيبة أنه لا يستطيع إجراء العملية بسبب ضيق التنفس الذي يعاني منه مند الصغر، فقد يئس من هذا الأمر الذي يحصل له، ولكن كنت دائما أذكره بأن الله حي لايموت، فادعوه، فكان يستريح لكلامي مع أني لست بملتزم ولكني أعلم أن الله هو الذي يسير هذا الكون موقنا به حيث ما كنت ليس قولا.
وفرج الله قد أتى وقد عوفي والدي بإذن الله الواحد الأحد .
ولكن ياشيخ قد صرفت جميع أموالي ولم يتبق لي إلا الله الواحد الأحد.
اعذرني ياشيخ على الإطالة لك.
أما سؤلي فهو: كيف تكون التوبة التي أمر الله في كتابه؟ بعد ماقمت بتسديد المال المتبقي دفعة واحدة .
ياشيخ إني أرجو منك أن تدعو لي في قيامك وصلاتك بأن يرزقني الله بزوجة صالحة تعينني على ذكر الله، وذرية طيبة تقر بها العيون.
شكرا ياشيخ وأسأل الله أن يوفقك ويثبتك إلى مايحبه ويرضاه.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله أن هداك للإيمان ووفقك للإحسان، وجزاك خيرا على نصحك لأبيك أن يكل أمره إلى خالقه سبحانه ويتوكل عليه. وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (الطلاق:3) لقد هديت إلى أمر عظيم وهو أن للكون ربا يسيره بقدرته وعظمته, وأنه بالغ أمره. قال أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام مخاطبا ربه متذللا بين يديه: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ*وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ*وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ*وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ. [الشعراء،78-81].
فمن وكل أمره إليه كفاه ومن اتقاه جعل له من همه فرجا ومن ضيقه مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب، ومن تاب إليه قبل توبته وفرح بها وعفى عنه كما قال سبحانه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70].
وقال: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [طـه:82]. وقال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222]، وقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].
وكيفية التوبة هي الاعتراف بالذنب والإقلاع عنه، والندم عليه، والعزيمة ألا يعود إليه، ويكثر من فعل الحسنات والقربات. فليتب والدك من اقتراضه بالربا، والزم أنت صراط ربك المستقيم وكن ممن يتعرفون إلى الله في الرخاء فيعرفهم في الشدة، واتق الله في أمره ونهيه وقد علمت عظمة الخالق وقدرته فاحذر أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك، واعلم أن السعادة كل السعادة في تقواه وقد وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالحياة الطيبة فقال: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً.[النحل:97]
وتوعد الذين يعرضون عنه بالمعيشة الضنك ولو كثرت أسباب السعادة بين أيديهم فلن يجدوا طعمها قال سبحانه: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى. [طه: 123، 124].
والله أعلم.