الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في المضمضة والاستنشاق في الوضوء والغسل

السؤال

أنا امرأة حامل في الشهور الأولى.. عند الوضوء والمضمضة أشعر بالتقيؤ وأحيانا لا أتمضمض فهل الوضوء هذا مقبول؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن القيء لا يبطل الوضوء على الراجح، أما عن ترك المضمضة أثناء الوضوء، خوفاً من القيء، فهو مبني على معرفة حكمها بالنسبة للوضوء، ولا مانع من ذكر حكم الاستنشاق معها لأنه مرتبط بها، فنقول: ذهب المالكية والشافعية إلى أنهما سنتان في الوضوء والغُسل، وذهب الحنابلة في المشهور إلى أنهما واجبان في الوضوء والغُسل، وذهب الحنفية إلى أنهما واجبان في الغُسل سنتان في الوضوء، ودليل وجوبها في الوضوء والغسل -كما قال الرحيباني في مطالب أولي النهى-: هو أن الذين وصفوا وضوءه صلى الله عليه وسلم ذكروا أنه تمضمض واستنشق، ومداومته عليهما تدل على وجوبهما، لأن فعله يصلح أن يكون بياناً لأمره تعالى انتهى.
وأما دليل من أوجبها في الغسل دون الوضوء، فهو كما قال الكاساني في بدائع الصنائع: أن الواجب في باب الوضوء غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس، وداخل الأنف والفم ليس من جملتها، أما ما سوى الوجه فظاهر، وكذا الوجه، لأنه اسم لما يواجه إليه عادة، وداخل الأنف والفم لا يواجه إليه بكل حال، فلا يجب غسله بخلاف الجنابة، لأن الواجب هناك تطهير البدن، بقوله تعالى:وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا أي طهروا أبدانكم، فيجب غسل ما يمكن غسله من غير حرج ظاهراً كان أو باطناً، ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليهما في الوضوء، دليل السنية دون الفرضية، فإنه كان يواظب على سنن العبادات انتهى.
ومن قال بسنيتها مطلقاً، قال: إنما لم تجبا لآية الوضوء المبينة لواجباته انتهى. من أسنى المطالب.
وقال الباجي في شرحه على الموطأ: والدليل على ما نقوله: أن هذا العضو باطن في أصل الخلقة فلم يجب إيصال الماء إليه في الوضوء كداخل العينين انتهى.
وقال أيضاً: والدليل على صحة ما ذهب إليه مالك ، ومن قال بقوله، أن هذه طهارة تتعلق بالبدن، فلم يجب فيها إيصال الماء إلى داخل الفم والأنف من غير نجاسة، كغسل الميت انتهى.
والراجح -والله أعلم- أنهما سنتان لما سبق من الأدلة وإن كان الأحوط الإتيان بهما.
وبناء على ذلك فالوضوء بدونهما صحيح، والصلاة به صحيحة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني