السؤال
يوجد شخص زميلي في المكتب يقرأ الفنجان، ويقول لزملائي عن أشياء حقيقية في حياتهم حدثت وتحدث.
وشك في أمره البعض نظرا لإقبال النساء عليه وعشقهن له رغم أنه ليس وسيما، وليس به شيء يستدعي كل هذا العشق والجنون، ونظرا لشك البعض به ذهبوا لأحد الشيوخ المعالجين بالقرآن.
وقالوا إنه يسخر الجان.
فهل هذا صحيح؟ وكيف أحمي نفسي منه، مع العلم أنني أشعر بألم دائم في القولون مع أي أكل، وزاد هذا الألم خصوصا عندما عينت في هذا المكان. فهل هذا له علاقة بهذا الشخص ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فادعاء علم الغيب منكر شنيع وهو تكذيب للقرآن وكفر بخالق السماوات والأرض، قال سبحانه: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ {النمل:65}. فما يكون في غد قد استأثر الله وحده بعلمه، فمن ادعى أنه يعلم ما في غد فقد كفر، قال تعالى: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا {لقمان:34}. وقال صلى الله عليه وسلم: ولا يعلم ما في غد إلا الله..رواه البخاري في الصحيح, فدعوى علم الغيب بواسطة قراءة الفنجان أو الكف أو غير ذلك كله من الكهانة ومن أمر الجاهلية الذي هدمه النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه، ومن يصدق من يدعي أنه يعلم الغيب فهو كافر كذلك والعياذ بالله. فالأمر خطير جدا لا يجوز التهاون به ولا التساهل فيه.
قال العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله: فالكاهن من يزعم أنه يعلم بعض المغيبات، وأكثر ما يكون ذلك ممن ينظرون في النجوم لمعرفة الحوادث، أو يستخدمون من يسترقون السمع من شياطين الجن، كما ورد بالحديث الذي مر ذكره، ومثل هؤلاء من يخط في الرمل أو ينظر في الفنجان أو في الكف ونحو ذلك، وكذا من يفتح الكتاب زعما منهم أنهم يعرفون بذلك علم الغيب وهم كفار بهذا الاعتقاد؛ لأنهم بهذا الزعم يدعون مشاركة الله في صفة من صفاته الخاصة وهي علم الغيب، ولتكذيبهم بقوله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} وقوله: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إلي ) الآية، ومن أتاهم وصدقهم بما يقولون من علم الغيب فهو كافر، لما رواه أحمد وأهل السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » ، وروى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة » ، وعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » رواه البزار بإسناد جيد، وبما ذكرنا من الأحاديث يتبين لطالب الحق أن علم النجوم وما يسمى بالطالع وقراءة الكف وقراءة الفنجان ومعرفة الخط، وما أشبه ذلك مما يدعيه الكهنة والعرافون والسحرة كلها من علوم الجاهلية التي حرمها الله ورسوله ومن أعمالهم التي جاء الإسلام بإبطالها والتحذير من فعلها أو إتيان من يتعاطاها وسؤاله عن شيء منها أو تصديقه فيما يخبر به من ذلك؛ لأنه من علم الغيب الذي استأثر الله به. انتهى.
فالواجب نصح هذا الشخص حتى يتوب إلى الله تعالى مما يتعاطاه من المنكر العظيم، ونصح من يصدقه في دعواه الغيب، وأن يبين لهم أنهم على خطر عظيم إن لم يتوبوا إلى الله تعالى، ونصح من يسأله عن المغيبات وإن لم يصدقه فإن هذا من كبائر الذنوب كما مر بك في الأحاديث.
وأما كونه يخبر بأشياء فتقع فهو إما من الخرص والتخمين الذي يصيب أحيانا، وإما مما تلقيه إليه الشياطين ويضيفون إليه من الكذب أضعاف ما فيه من الصدق فيغتر الحمقى وضعاف العقول بكلمة من الصدق وقعت كما أخبر ولا يلتفتون إلى أضعافها من الباطل لجهلهم وسخافة عقولهم.
وأما ما يصيبك من الألم فليس لنا سبيل إلى الجزم بما إذا كان سببه هذا الرجل أو لا، وعلى كل حال فننصحك بالتداوي امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وارق نفسك بالأدعية الثابتة كتابا وسنة فإن فيها بركة عظيمة ويدفع الله بها عنك شر هذا الشخص وغيره.
والله أعلم.