الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المسافة التي يجب بها شهود الجماعة في المسجد

السؤال

أرجو من فضيلتكم الإجابة: يوجد هنالك مسجدان هما أقرب المساجد إلى بيتي، و لكن أحدهم يبعد قرابة 900 متر والآخر قرابة 800 متر. دائما أحاول الالتزام بالصلاة في أقربهم، وذلك بركوب السيارة والذهاب إلى أحدهم، ولكنني أجد مشقة في الذهاب عند موعد صلاة الفجر فأصلي الفجر في البيت. فهل علي من شيء. هل يجب علي أن أصلي جميع الصلوات في المسجد على الرغم من بعده أم أني معفى من ذلك؟
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالصلاة في المسجد في جماعة من أفضل القربات وأجل الطاعات، فعليك أن تحرص عليها في صلاة الصبح وغيرها، فإنها دليل على الإيمان وعلامة على الاهتداء، وحسبك شهادة الله لعمار المساجد بقوله: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ {التوبة:18}. وفي حرصك على الصلاة في المسجد كذلك خروج من خلاف من أوجب فعلها فيه وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وإن كان جمهور الموجبين للجماعة لا يوجبون فعلها في المسجد كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 128394. فاحرص إذن على فعل الجماعة في المسجد، فإن تأخرت عن الجماعة لنوم أو نحوه فصل في بيتك جماعة مع بعض أهلك، وإن صليت جماعة في بيتك من غير عذر فاتتك الفضيلة، وتكون بذلك مؤديا للواجب عند جمهور الموجبين للجماعة كما مر. وعلى القول بوجوب شهود الجماعة في المسجد فإنها إنما تجب عليك إذا كنت تسمع النداء في الأحوال العادية من غير مكبر الصوت، فإن كنت كذلك لزمك شهود الجماعة في المسجد على هذا القول وإلا لم يلزمك.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: ج: الواجب عليك أن تصلي مع إخوانك المسلمين في المسجد إذا كنت تسمع النداء في محلك بالصوت المعتاد بدون مكبر عند هدوء الأصوات وعدم وجود ما يمنع السمع. فإن كنت بعيدا لا تسمع صوت النداء بغير مكبر جاز لك أن تصلي في بيتك أو مع بعض جيرانك؛ لما «ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للأعمى لما استأذنه أن يصلي في بيته: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب » رواه الإمام مسلم في صحيحه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر » خرجه ابن ماجه والدارقطني، وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح، ومتى أجبت المؤذن ولو كنت بعيدا وتجشمت المشقة على قدميك أو في السيارة فهو خير لك وأفضل، والله يكتب لك آثارك ذاهبا إلى المسجد وراجعا منه مع الإخلاص والنية، لما «ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل كان بعيدا عن المسجد النبوي وكانت لا تفوته صلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له: لو اشتريت حمارا تركبه في الرمضاء وفي الليلة الظلماء؟ فقال رضي الله عنه: ما أحب أن يكون بيتي بقرب المسجد إني أحب أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إلى أهلي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد جمع لك ذلك كله. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني