السؤال
هل صحيح أن الصلاة بثوب غير طاهر يكون مسموحا في حال لا تزيد النجاسة عن ربع الثوب؟ وهل أكون آثما في حال تركت أخي يصلي ببنطلون غير طاهر, وأنا أعلم أن هذا البنطلون غير طاهر, بحجة أن النجاسة فيه لا تتعدى ربع البنطلون؟علما أن النجاسة المعنية هي المذي والودي, وليس البول والغائظ، وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنه يعفى عن النجاسة المخففة لا الغليظة إذا لم تتجاوز ربع الثوب وهذا قول الحنفية، كما فصلناه في الفتوى رقم: 174441.
والمذي والودي ليس من النجاسة المخففة عندهم، بل من النجاسة الغليظة التي لا يعفى عما زاد عن قدر الدرهم منها، جاء في البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم الحنفي: كُلَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ مِمَّا يُوجِبُ خُرُوجُهُ الْوُضُوءَ أَوْ الْغُسْلَ فَهُوَ مُغَلَّظٌ كَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ وَالْقَيْءِ إذَا مَلَأَ الْفَمَ. اهــ.
وعلى هذا القول لا يعفى عن الثوب إذا أصابه ودي أو مذي أو غيرهما من النجاسات المغلظة إذا جاوزت قدر الدرهم، ولا تصح الصلاة بذلك الثوب قبل تطهيره, وقد بينا قدر الدرهم عندهم في الفتوى المشار إليها آنفا.
وأما قولك: هل أكون آثما في حال تركت أخي يصلي ببنطلون غير طاهر، فجوابه أنك إذا كنت عالما بعدم صحة الصلاة في ذلك الثوب ولم تنبهه فإنك تأثم لأن تنبيهه حينئذ أمر واجب عليك، لكونه من النصح الواجب، قال في مطالب أولي النهى: ويلزم عالم نجس من ثوب أو غيره لا يعفى عنه إعلام مريد استعماله، لأنه من باب الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر فيجب بشروطه, وعلم منه أن ما يعفى عنه كيسير دم بدن أو ثوب أو مصلى لا يجب الإعلام به، لأن عبادته لا تفسد باستعماله في غير طهارة, وصرح به في الإقناع واختاره ابن القيم ويتجه احتمال أن العبرة بعقيدة عالم بالنجاسة, فإن اعتقد نجاسة شيء عنده وجب عليه الإخبار, وإلا فلا، اختاره الشيخ تقي الدين, فقال: يجوز وضع ماء طاهر في اعتقاده في مائع لغيره, أي: وإن كان عند الغير نجاسته, كمن يرى طهارة ماء النبيذ بعد مضي ثلاثة أيام إذا لم يغل فله وضعه في مائع يريد استعماله من يرى نجاسة ذلك.
وانظر الفتوى رقم: 49996، عن أقوال الفقهاء في العفو عن النجاسات، وكذا الفتوى رقم: 134899.
والله أعلم.