الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

للزوجة الحق في طلب الطلاق دفعا للضرر عن نفسها

السؤال

أنا فتاة يمنية مطلقة، ولدي ابنة، تزوجت مؤخرا من رجل باكستاني حيت إنني عانيت الأمرين إلى أن تأتي الموافقة من الحكومة اليمنية على زواجي منه، والحمد لله أتت الموافقة بعد 6 أشهر وتزوجنا، إلا أنه اضطر إلى السفر خارجا إلى دولة الإمارات للعمل، مع العلم بأنه قد عاشرني لمدة أربعة أيام فقط، وبعدها سافر، تحملت العناء الشديد لمدة سنة بعيدة منه لأجل أن يقوم بتثبيت نفسه وللوقوف على قدميه حتى يأتيني بتأشيرة دخول (تأشيرة إقامة )كما وعدني؛ لأن أوضاعه المادية تحسنت الحمد لله إلا أنني فوجئت به يختلق الأعذار منها تغيير جنسيتي والذهاب معه إلى بلاده، لقد نسي بأن لدي ابنتي ووالدتي في هذا البلد، وفي حالة تغيير جنسيتي لن يكون بمقدوري النزول مباشرة في حالة وقوع أي مكروه لهما لا قدر الله، وبعدها ابتدأ بافتعال المشاكل بيننا إما هو وتغيير جنسيتي أو إنهاء كل شيء بيننا، فقلت له لن أستطيع تغيير جنسيتي، وهنا تحققت مطالبه وهجرني دون السؤال عني بالأيام وأنا صابرة. صحيح أنني كنت أثور غضبا لعدم مبالاته ولعدم تأديته واجباته الزوجية تجاهي، وقمت بمواجهته أكثر من مرة بضرورة الاهتمام بي كزوجة، وضرورة مراعاة حقوقي لأني أحلم بحياة مثالية معه مختلفة كلياً عن سنوات الألم التي عشتها مسبقا مع والد ابنتي والله على ما أقول شهيد، فإنه يعترف بغلطه ويقول سأحسن من نفسي إلا أنه يعود كما كان بالسابق؛ حيث إنني عرفت منه بأن لديه أصدقاء سوء، كما أن عمله مختلط وفيه كافة التسهيلات في حالة رغبته في العياذ بالله !!! أحس بأن زوجي تغير فليس هو بالإنسان الذي كنت أعرفه مسبقا الذي يهيم بي ولا يرضى أن يغضبني، أصبح يتلذذ بنبرات صوتي الباكية بضعفي الشديد لأني أحبه، وإلقاء الكلام الجارح، تحملت العناء الشديد والهجر لعدة أيام دون السؤال عني، والآن سأكمل الشهر ولم أسمع صوته حتى مع العلم بأنه اتصل على والدتي وأخبرها بأنه مسافر إلى الكويت بغرض العمل، وسألته والدتي عن أية أرقام له بالكويت للتواصل معه فأجاب بأنه ليس لديه رقم، وطلبت منه أن يكلمني إلا أنه رفض محادثي واكتفى بمحادثة والدتي، وطلب منها أن أذهب وآخذ مبلغا من المال قام بتحويله لي قبل سفره بحجة أنه يقوم بواجبه قبل سفره، فأخبرته والدتي بضرورة الكلام معي وأن المال لا قيمة له في الحياة الزوجية إن عدم الود والتفاهم والرحمة بين الأزواج.
بعدها بيوم واحد فقط فوجئت بإرساله صور لي على البريد الخاص وهو بالمطار، تمنيت له الوصول بالسلامة ودعوت له بالتوفيق في مهامه وأخبرته بضرورة إعلامي في حالة وصوله سالماً، وهذا حقي الطبيعي كزوجة تطمئن على زوجها إلا أنه لم يطمئني، انتظرت يومين منذ سفره ولكن دون جدوى، وبعدها قمت بالاتصال على مقر عمله بالإمارات عل وعسى أن ألقى أي شيء يطمئن قلبي عليه، وبعدها كانت الطامة الكبرى عندما قالوا بأنه موجود ولم يسافر وقاموا بتحويلي على المكتب الذي هو موجود فيه، وبالأصح مكتب المديرة المالية التي كان يتناقش معها عن العمل، قلت لها بكل أدب أريد التحدث إلى فلان، وفعلاً كان هو وعند سماع صوتي قال سأتصل بك سأتصل بك. بعدها ترك لي رسالة، أحسست بنوع من التوبيخ فيها بأنه ليس من الضروري الاتصال على هاتف تلك السيدة كان يجب علي أن أتصل عليه مباشرة، وكيف أتصل عليه وأنا أعلم بأنه خارج البلد ؟؟؟ كنت متوقعة شعوره بالندم ورجوعه لي والاعتذار عن غلطته وسوء معاملته لي، إلا أنه لم يكلف خاطره شيئاً وتركني بحسرتي وندمي، الآن فقط أحسست بأني أسأت الاختيار وهو مجرد رجل ضعيف الشخصية والوازع الديني، غرته الحياة الدنيا وجعلته يفضل صحبه السوء والملذات عن زوجته التي أحبته من كل قلبها، والتي وقفت معه في كل المحن حتى لو كانت بعيدة منه، التي كانت تهديه روحها في كل لحظة ولم تتأخر عنه. أفيدوني جزاكم الله خيراً عن كيفية التعامل مع رجل بهذه النوعية، مع العلم بأنني انكسرت في داخلي، وأحس بأن الحياة أصبحت مستحيلة مع إنسان يفتعل أسلوب الكذب والخداع ناهيك عن التقصير وسوء المعاملة في حقي كزوجة .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن أهم حقوق الزوجة على زوجها أن يحسن عشرتها امتثالا لتوجيه الرب تبارك وتعالى في قوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، ومن حقها عليه أيضا أن لا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها، وهذا قضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما بينا بالفتوى رقم: 108078. فمعاملة الزوج زوجته على الحال المذكور بالسؤال ليس من حسن العشرة في شيء وفيه تفريط عظيم في حق الزوجة.

ومن أهم ما نوصي به الزوجة في هذه الحالة الصبر وكثرة الدعاء، فهما عدتان ناجعتان عند حصول البلاء. وراجعي في فضل الصبر الفتوى رقم: 18103. وفي فضل الدعاء وآدابه الفتوى رقم: 119608.

وينبغي الاستمرار في مناصحة هذا الرجل وتذكيره بالله عز وجل، وأن عليه أن يتقي الله في نفسه وأهله. فإن تاب إلى الله وأناب وأعطى زوجته حقها فبها ونعمت، وإلا كان للزوجة الحق في طلب الطلاق دفعا للضرر عن نفسها، فإن الضرر من مبيحات طلب المرأة الطلاق كما هو مبين بالفتوى رقم: 37112، فإن استجاب لها الزوج فذاك وإلا فلترفع الأمر إلى القضاء الشرعي. وإن رأت أن تصبر عليه وتستمر في نصحه فلها ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني